وصلوا. قالوا : وسبب ذلك أنّه يشبه المنصوب الموقوف عليه ، نحو قولك : «رأيت زيدا» ، فكما أنّ هذا إذا وصل نون فكذاك المندوب. وهذا إذا صحّ يكون المحسّن له تشبيههم إيّاه بالمنصوب الموقوف عليه ، وأنشدوا من ذلك قول الشاعر [من الرجز] :
٥٣٣ ـ يا فقعسا وأين منّي فقعس |
|
[أإبلي يأخذها كروّس] |
فلو لا أنّهم حكوه في الكلام لقلنا إنّ هذا مندوب بغير علامة ولحقه التنوين ضرورة فعاد إلى أصله.
ففي المندوب إذن ثلاث لغات هي : «وا زيد» ، «وا زيداه» ، و «وا زيدا».
واعلم أنّ الاسم الذي تلحقه علامة الندبة لا يخلو من أن يكون ساكنا أو متحركا ، فإن كان متحرّكا لحقت علامة الندبة ، وكانت الحركة التي في الآخر تابعا لها ، إلّا أن تخاف لبسا ، فتجعل إذ ذاك ألف الندبة تابعة لما قبلها ، فتقول : «وا غلام أحمراه» ، و «وا غلام الرجلاه» ، و «يا رجلاه» ، بقلب الضمة والكسرة في : «يا رجل» و «غلام الرجل» ، حركة من جنس الألف ، وتترك الفتحة على ما هي.
وإن خفت لبسا جعلت ألف الندبة تابعة لها ، فتقول : «وا غلامكيه» ، «وا غلامكاه».
__________________
٥٣٣ ـ التخريج : الرجز لرجل من بني أسد في الدرر ٣ / ١٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٢ ؛ وبلا نسبة في الدرر ٣ / ٤١ ؛ ورصف المباني ص ٢٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١٨٢ ؛ ومجالس ثعلب ٢ / ٥٤٢ ؛ والمقرب ١ / ١٨٤ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٧٢ ، ١٧٩.
اللغة : فقعس : حيّ من بني أسد. كروّس : الرجل الغليظ ، وهنا اسم رجل أغار على إبل الشاعر فندبها.
الإعراب : يا : حرف نداء وندبة. فقعسا : منادى مندوب منصوب. وأين : «الواو» : استئنافية ، «أين» : اسم استفهام في محلّ رفع خبر مبتدأ مقدّم. منّي : جار ومجرور متعلقان بحال من (فقعس). فقعس : مبتدأ مؤخّر مرفوع. أإبلي : الهمزة للاستفهام ، «إبلي» : مبتدأ مرفوع ، وهو مضاف ، والياء : ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة. يأخذها : فعل مضارع مرفوع ، و «ها» : ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به. كروّس : فاعل مرفوع بالضمّة.
وجملة «يافقعسا» : ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «أين مني فقعس» : استئنافية لا محل لها. وجملة «إبلي ...» : استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «يأخذها» : في محلّ رفع خبر المبتدأ.
الشاهد : قوله : «يا فقعسا» حيث نصب المندوب ونوّنه للضرورة.