وهو فاسد ، لأنّه لم يرد به سماع ولا يقبله قياس ، لأن النواصب تخلص الفعل للاستقبال والمعنى على الحال ، فلا سبيل لما قال.
وخالفونا في غير المبنيّ ، ففضّلوا الفعل الذي بعد «حتى» إلى ما هو جاذب ، وإلى ما ليس كذلك. فما كان جاذبا فالنصب ، وذلك : «سرت حتى تطلع الشمس» ، لأنّ طلوع الشمس جاذب.
فإن كان غير جاذب فالرفع وذلك : «سرت حتى يعلم الله أنّي كالّ». فلا يتصور هنا «إلى أن» ، لأنّ هذا لم يحدث عن سيرك ، فيكون غاية له ، ولا يتصور معنى «كي» ، لأنّ المعنى ليس عليها ، فأثبتوا أن تكون عاطفة من غير سبب. وهذا غلط بيّن ، لأنّهم لما تحقّقوا أنّ علم الله ليس بحادث بقي لهم هذا الخيال هنا ، وليس الأمر على ما زعموا ، لأنّ علم الله أنّي كالّ حادث عن سيري ، لأنّ الله تعالى لا يعلم أنّي كالّ في الحال إلّا إذا كنت كالا في الحال. فتعلّق المعلم هنا حادث وسبب سيرك بالفعل سبب ، فلهذا كان مرفوعا لا لما قالوه.
وامتنع النصب على معنى «إلى أنّ» لأنّ المعنى يبطل الأمر ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «سرت حتى يعلم الله أنّه كالّ» ، فهو الآن كالّ والله يعلم أنّه كالّ ، ولو قلت : «إلى أن يعلم الله» ، لكان هذا المعنى مستقبلا ، فلمّا تناقض لم يكن النصب.
وليس النصب على معنى «كي» فيما يقصده عاملا في هذا الموضع. فهذه جملة المواضع التي خالفونا فيها.
__________________
فعل مضارع مرفوع بالضمّة. كلابهم : فاعل مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة والميم علامة جمع الذكور العقلاء. لا يسألون : «لا» : نافية ، «يسألون» : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. عن السواد : جار ومجرور متعلّقان بـ (يسألون). المقبل : صفة (السواد) مجرورة مثله بالكسرة.
وجملة «يغشون» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «تهرّ» : استئنافية أيضا لا محلّ لها. وجملة «يسألون» : استئنافية كذلك لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «حتى ما تهرّ» حيث زعم الكسائي أن الفعل المضارع «تهرّ» بعد «حتى» يجوز نصبه وإن كان ما قبله سببا. وقد أوضح المؤلف فساد ما ذهب إليه.