وأمّا حكمها ، فإنّها لا تخلو من أن يقع بعدها الفعل أو لا يقع. فإن لم يقع لم تكن عاملة ، وذلك قوله : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)(١) ، فإن وقع بعدها الفعل ، فإمّا أن يكون معربا أو مبنيّا. فإن كان مبنيّا لم يظهر لها عمل ، وإن كان معربا فلا يخلو من أن يكون حالا أو مستقبلا.
فإن كان حالا فالرفع ليس إلّا ، لأنّ النصب يخلص للاستقبال ، فلهذا لا يجوز النصب إذ المعنى على الحال.
فإذا كان مستقبلا ، فلا يخلو أن يتقدّمها حرف عطف أو لا يتقدم ، فإن تقدّم جاز الإلغاء والإعمال. وإن لم يتقدم ، فلا يخلو أن تقع بين شيئين متلازمين ، أو تقع صدرا. فإن وقعت بين شيئين متلازمين ، فالإلغاء ليس إلّا ، وإن وقعت صدرا فالإعمال ليس إلّا ، وقد حكي إلغاؤها ، وذلك قليل جدا. وإنّما جاز إلغاؤها وإعمالها بعد حرف العطف لأنّ من راعى كونها لم تتقدم ألغاها ، ومن رأى أنّ حرف العطف لا يطلب الفعل خاصة بل يطلب الجملة ، لم يعتبره ، فلذلك أعمل.
وأمّا إذا توسطت بين شيئين متلازمين فإنّها تلغى ، لأنّ الفعل يطلب ما قبلها وهو مبنيّ عليه ، فصارت إذن لغوا.
فهذه أحكامها على الكمال فافهم.
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٠.