وإن كان خبرها فعلا ، فيشترط فيها أن يفصل بينها وبين الفعل في الإيجاب بالسين أو «قد» أو «سوف» ، وفي النفي بـ «لا».
ومثال الفصل في الإيجاب بالسين قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(١).
ومثاله بـ «لا» في النفي قوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٢).
ولا يجوز أن يترك الفصل بينها وبين خبرها ألّا إذا كان الفاصل اسمها ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٣).
ولا يتقدّمها إلّا أفعال التحقيق ، نحو : «تحققت» و «علمت».
ولا يجوز أن تليها أفعال الشك نحو ظننت ، إلّا أن تريد بذلك تحقيق الظن فكأنّك قلت : ظننت الظن.
وإنّما لم يلها أفعال الشك لأنّ «أن» هنا هي «أنّ» فهي هنا تؤكّد ، ولا يؤكّد إلّا ما ثبت واستقر ، وأفعال الشك لم تثبت ، فلم تؤكّد إلّا إذا أردت بذلك توكيد الظن كما قلنا.
وأمّا الناصبة للفعل ، فلا يخلو أن يقع بعدها الماضي أو المضارع. فإن وقع بعدها الماضي بقي على معناه من المضيّ ، ولا تعمل فيه شيئا لأنّه مبنيّ ، وإن وقع بعدها المضارع ، فإنّها تخلّصه للاستقبال وتنصبه.
وتتقدمها الأفعال التي لا تعطي التحقيق ولا يجوز أن يتقدّمها «علمت» ولا ما في معناها.
وأمّا المخففة من الثقيلة ، فلا يتقدّمها من الأفعال إلا أفعال التحقيق خاصة كـ «علمت» و «رأيت» وما وبمعناها. فإن كان للفعل معنيان : التحقيق وغيره ، جاز لك أن تقدّم «أن» الناصبة للفعل إذا أردت به معنى ما ليس فيه تحقيق. وأن تقدّم «أن» الخفيفة من الثقيلة إذا أردت بها معنى ما فيه تحقيق.
__________________
(١) سورة المزمل : ٢٠.
(٢) سورة طه : ٨٩.
(٣) سورة النجم : ٣٩.