فعلى حذف «مثل» ، فكأنه قال : ولا مثل أبي الحسن ، وفلا مثل البصرة ، ولا مثل أمية ، و «مثل» نكرة على كل حال.
فإن دخلت على اسم نكرة ، فلا يخلو أن يكون مضافا ، أو مطولا ، أو غير ذلك.
فإن كان مضافا أو مطولا جاز فيه وجهان : أن تعمل «لا» عمل «إنّ» فتنصبه وأن تعملها عمل «ليس» فترفعه. لأنّ «لا» نقيضة «إنّ» ، لأنّها للنفي و «إنّ» للإثبات. والنقيض قد يجري مجرى نقيضه كما يجري مجرى نظيره ، فحملت عليها لذلك ، ومن أجراها مجرى «ليس» لحظ معناها لأنّها للنفي كما أنّ «ليس» كذلك.
فإن دخلت على غير ذلك من الأسماء ، فلا يخلو أن يكون مفردا ، أو مثنّى ، أو مجموعا جمع سلامة بالواو والنون ، أو بالألف والتاء.
فإن كان مفردا كان منصوبا بغير تنوين.
واختلف في الحركة هل هي حركة إعراب أو حركة بناء. فذهب الزجاجي إلى أنّها حركة إعراب وسقط التنوين تخفيفا ، لأنّ «لا» جعلت مع ما بعدها شيئا واحدا ، فطال الاسم ، فخفّف بحذف التنوين.
وذلك فاسد ، لأنّها لو كانت إعرابا ، لم يجز نعت الاسم على اللفظ وعلى الموضع ، كما لم يجز ذلك في «إنّ» وأخواتها ، فدلّ ذلك على أنّها حركة بناء.
وقد ذهب أكثر النحويين من البصريين إلى أنّها حركة بناء. واختلفوا في موجب البناء. فمنهم من قال : إنّما بني لتضمنه معنى «من» ، كأنّ قائلا قال : هل من رجل في الدار؟ فقال مجيبه : لا رجل في الدار ، لأنّ «لا» نفي عام ، فينبغي أن يكون جوابا لسؤال عام ، وهو الصحيح. ومنهم من قال : إنّما بني لتركّبه ، لأنّه تركب مع «لا» ، وصار كالاسم الواحد مثل «خمسة عشر».
والصحيح الأول لأنّ ما بني من الأسماء لتضمّنه معنى الحرف أكثر مما بني لتركيبه مع الحرف ، نحو قوله [من الرجز] :
٦٤٧ ـ أثور ما أصيدكم أم ثورين |
|
أم هذه الجمّاء ذات القرنين |
__________________
٦٤٧ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٤٠ ؛ والخصائص ٢ / ١٨٠ ؛ ورصف