وأما غير المزيد فيه فلا يخلو أن يكون متصرّفا أو غير متصرف. فإن كان غير متصرّف لم يجز التعجب منه ، نحو : «نعم» ، و «بئس» ، و «عسى» وأمثالها ، وإن كان متصرفا فلا يخلو أن يكون من باب «ظننت» ، أو من باب «كان» ، أو لا يكون.
فإن كان من باب «كان» لم يجز التعجب منه لأنّه إذا بني على «فعل» لم يحتج إلى أكثر من فاعل ، فتدخل عليه همزة النقل فيصير الفاعل مفعولا ، فتقول : «ما أكون زيدا» ، فيؤدّي إلى بقاء المبتدأ دون خبر ، ولا يجوز : «ما أكون زيدا لقائم». لأنّ اللام لا تدخل على خبر المبتدأ.
وأما «ظننت» فيجوز التعجب منه ومن أخواته بشرط الاقتصار على الفاعل ، فتقول : «ما أظنّني» ، ولا تذكر المفعولين ولا أحدهما وتحذف الآخر.
أما ذكر أحدهما فيؤدي إلى بقاء الخبر دون مبتدأ والمبتدأ دون خبر ، وباطل أن تذكر المفعولين لأنّه لا بدّ من نقله إلى «فعل» ، و «فعل» لا يتعدّى. ولا يجوز دخول اللام على المفعولين ، لأنه لا يجوز دخول اللام على المبتدأ والخبر.
فإن لم يكن من باب «ظننت» ولا من باب «كان» ، فلا بد أن يكون على وزن «فعل» أو «فعل» أو «فعل». فإن كان على وزن «فعل» بضمّ العين أدخلت عليه همزة النقل وصار الفاعل مفعولا. فإن كان مفتوح العين أو مكسورها ، نقلته إلى «فعل» وحينئذ يتعجّب منه ، والدليل على ذلك شيئان :
أحدهما : أنّك إذا تعجّبت مما يتعدّى إلى مفعول واحد بقي على ما كان عليه ، فقلت : ما أضرب زيدا لعمرو! ولو كان غير منقول لفعل لوجب تعدّيه إلى مفعولين ، لأنّ همزة «أفعل» التي للتعجب للنقل ، بدليل أنّك تقول : «ما أظرف زيدا»! فيصير «ظرف» يتعدّى بعد
__________________
على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. ربعا : مفعول به منصوب بالفتحة. أو تذكرت : «أو» : حرف عطف ، «تذكرت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. منزلا : مفعول به منصوب بالفتحة.
وجملة «وما شنتا بأضيع» : حسب ما قبلها. وجملة «سقى» : في محلّ رفع صفة لـ (شنتا). وجملة «تبللا» : حالية. وجملة «توهمت» : في محل جرّ بالإضافة أو صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وذلك على جعل (ما) حرفا مصدريا ، والمصدر المؤول مضاف إليه. وجملة «تذكرت» : معطوفة عليها فهي مثلها.
والشاهد فيهما قوله : «بأضيع من عينيك للماء» حيث تعجّب من تضييعها للماء بقوله (بأضيع للماء).