وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّ ابن جني ذكر أنها لغة ، وأن الذي يقول : «غد» ، لا يقول : «غدو».
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه ، والدليل على صحة ذلك السماع والقياس. فأمّا السماع فهو أنّ العرب إذا ردّت المحذوف في التثنية والجمع ، أبقت العين على ما كانت عليه من الحركة ، فتقول : «يديان» ، قال الشاعر [من الكامل] :
يديان بيضاوان عند محلّم |
|
قد يمنعانك أن تضام وتضهدا (١) |
وقال الآخر [من الوافر] :
فلو أنّا على حجر ذبحنا |
|
جرى الدميان بالخبر اليقين (٢) |
وأما القياس فهو أنّك لم تردّ اللام إلّا لتقوي الكلمة ، وإذا أسكنت العين فقد أضعفت ، فهو تناقض.
فإن كان محذوف العين لم ترد إليه شيئا ، وتنسب إليه على لفظه ، فتقول في النسب إلى «سه» (٣) و «مذ» : «سهيّ» و «مذيّ».
فإن كان محذوف الفاء ، فلا يخلو أن يكون الثاني حرف علة ، أو حرفا صحيحا. فإن
__________________
إلا : حرف حصر. كالديار : «الكاف» : حرف تشبيه وجر ، «الديار» : اسم مجرور بالكسرة ، والجار والمجرور متعلّقان بالخبر المحذوف. وأهلها : «الواو» : حالية ، «أهل» : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. بها : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف ، بتقدير (وأهلها موجودون بها). يوم : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة ، متعلّق بالخبر المحذوف. حلوها : فعل ماض مبني على الضم ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. وغدوا : «الواو» : حرف عطف ، «غدوا» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة ، متعلّق بـ (بلاقع). بلاقع : خبر مرفوع بالضمّة لمبتدأ محذوف بتقدير (وهي بلاقع غدوا).
وجملة «وما الناس إلا كالديار» : حسب ما قبلها ، أو ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «وأهلها بها» : حالية محلها النصب. وجملة «حلوها» : في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة «وهي بلاقع غدوا» : معطوفة على جملة «وأهلها بها».
والشاهد فيه قوله : «غدوا» حيث أعاد كلمة (غد) إلى أصلها (غدو) ، وقال المؤلف : إن هذا فاسد ، على اعتبار أنها لغة في (غد) وليس ردّا إلى الأصل.
(١) تقدم بالرقم ٤٠.
(٢) تقدم بالرقم ٤١.
(٣) السه : لغة في الاست.