صار غير متعدّ أيضا ، ويجوز دخول الباء على فاعله زائدة ولا تلزم ، فتقول : «ضرب زيد» ، و «ضرب بزيد» ، في معنى : «ما أضربه» ، ولا يلزم فاعله أن يكون معرّفا بالألف واللام ، فتقول : «لضربت يدك» ، و «لضربت اليد». ومن زيادة الباء قوله [من المديد] :
٤١٨ ـ حبّ بالزور الذي لا يرى |
|
منه إلّا صفحة أو لمام |
وإذا بنيته من فعل معتلّ اللام من ذوات الياء ، قلبت الياء واوا لانضمام ما قبلها كـ «رمو الرجل» ، في معنى : ما أرماه ، ومن كلام العرب : «لسرور الرجل» ، في معنى : ما أسراه. ويعرض في هذا الباب اللبس بين التعجب والنفي والاستفهام مع كل فعل في آخره نون إذا اتصل به ضمير متكلم عند من لا بصر له بكلام العرب. لكنّ الذي يؤمن اللبس في ذلك أن يعلم أنّ «أفعل» في التعجب فعل ، فإن اتصل به ضمير نصب للمتكلم ، فلا بدّ من إلحاق نون الوقاية في حال الإفراد ، و «أفعل» في الاستفهام اسم فلا يحتاج إلى نون الوقاية في حال من الأحوال ، و «أفعل» في النفي فعل إلا أن المتصل به ضمير رفع ، فلا بدّ من تسكين آخر الفعل فتقول في التعجب في الإفراد : «ما أحسنني» ، وفي التثنية والجمع : «ما أحسننا» ، وتقول في الاستفهام في الإفراد : «ما أحسنني»؟ وفي التثنية والجمع : «ما أحسننا»؟
__________________
٤١٨ ـ التخريج : البيت للطرماح بن حكيم في ديوانه ص ٣٩٣ ؛ والدرر ٥ / ٢٣٢ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٩٩ ؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٥٤ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٨٠ ؛ ولسان العرب ٤ / ٣٣٥ (زور) ؛ والمقرب ١ / ٧٨ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٨٩.
شرح المفردات : الزور : الزائر. الصفحة : هنا جانب الوجه. اللمام : ج اللمّة ، وهي الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن.
المعنى : يقول : أحبب بالزائر الذي لا يرى منه إلا جانب وجهه أو بعض شعر وجهه ، أي بالزائر الخفيف الظلّ.
الإعراب : «حبّ» : فعل ماض جامد لإنشاء المدح. «بالزور» : الباء حرف جرّ زائد ، «الزور» : اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنه فاعل «حبّ». «الذي» : اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع نعت «الزور». «لا» : حرف نفي. «يرى» : فعل مضارع للمجهول. «منه» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يرى». «إلّا» : حرف حصر. «صفحة» : نائب فاعل مرفوع. «أو» : حرف عطف. «لمام» : معطوف على «صفحة» مرفوع ، وسكّن للضرورة الشعريّة.
وجملة : «حبّ بالزور» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «لا يرى ...» صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «حبّ بالزور» حيث جاء بفاعل «حبّ» التي تفيد معنى «نعم» مقترنا بالباء الزائدة ، وذلك من قبل أنّ المعنى قريب من معنى صيغة التعجّب.