وعلامة التأنيث الألف ، والتاء ، وأما الهمزة فمنقلبة عن الألف ، وذلك أنّه اجتمع في مثل «صحراء» ألفان ، قلبت إحداهما همزة بدليل جمعهم لها «صحارى» ، ولو كانت غير منقلبة لم تحذف ولقالوا : «صحارىء» ، كما قالوا في جمع «قرّاء» : «قرارىء» ، فإن قيل :
فلعلها منقلبة عن ياء ، أو واو ، وليست منقلبة عن الألف ، فالجواب : إنّ الألف قد ثبتت علامة للتأنيث ، ولم تثبت الياء ولا الواو ، فالأولى أن يدعى ما يثبت.
وأمّا المؤنث فينقسم سبعة أقسام : قسم يدخل فيه تاء التأنيث فارقة بين المذكر والمؤنث ، وذلك في الصفة الجارية ، نحو : «قائم» و «قائمة».
وقسم تدخل فيه تاء التأنيث ، وينقسم هذا قسمين : قسم ليس له مذكر يلتبس به مثل بلدة ومدينة. وقسم له مذكّر إلّا أنه من غير لفظه مثل شيخ وعجوز (١).
وقسم يدخل فيه التأنيث فرقا بين المفرد والجمع ، وذلك في الجمع الذي بينه وبين واحده حرف التاء ، مثل : «تمرة وتمر» ، و «شعيرة وشعير» ، و «بقرة وبقر» ، وليس له مفرد مذكر وإنّما المفرد مثل المفرد المؤنث.
وأجاز أهل الكوفة أن تكون ألفاظ الجموع من هذا المفرد المذكر ، فيقولون «بقر» للواحد المذكّر ، وحكوا من كلام العرب : «رأيت عقربا على عقربة» ، و «رأيت حماما على حمامة» ، إلّا في «حيّة» فإنهم يقولون : «حيّة» ، للمذكر والمؤنث.
وسبب ذلك أنّهم لم يجمعوه بحذف التاء ، لئلا يلتبس بالحيّ الذي هو ضد الميت ، فلما لم يجمعوه لم يكن للمذكّر ما يقع عليه هذا.
وهذا شذوذ لا يقاس عليه ، لأنّه لم يكثر ، بل المذكّر من هذا ، والمؤنث بالتاء نحو : «حمامة» و «عقربة» ، ولم يكن بغير التاء لئلا يلتبس بالجمع.
وقسم تدخل فيه تاء التأنيث للمبالغة ، وتدخل في المؤنث والمذكر ، مثل : «علامة» ، و «مطرابة».
واختلف في سبب دخولها في المذكر ، فزعم ثعلب أنّهم كأنّهم أرادوا به في صفات المدح «داهية» ، وفي صفات الذم «بهيمة» ، و «داهية» و «بهيمة» مؤنثتان ، فلذلك دخلت فيه. وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّ هذا التقدير لا يصح في كل صفة للمبالغة ، ألا ترى أنّ «مطرابة» لا يقال فيه : «داهية» ولا «بهيمة». والصحيح أن تقول : دخلت في المذكر من هذا
__________________
(١) لم يذكر المؤلف القسم الذي له مذكّر يلتبس به.