وهذا لا حجة فيه ، لأنّ «أمس» ليس بظرف ، وإنّما هو اسم بدليل دخول حرف الجرّ عليه ، لأن دخول حرف الجر على الظرف ينقله عن الظرفية ، بدليل أنّ «وسط» إذا كان ظرفا ، فهو ساكن العين ، نحو : «جلست وسط الدار» ، وإذا كان اسما ، فهو متحرك العين ، نحو : «هذا وسط الدار» ، فإذا دخل حرف الجر على «وسط» حركت عينها ، فتقول : «جلست في وسط الدار». وإذا كان غير ظرف ، فلا يخلو أن يكون في موضع رفع ، أو نصب ، أو خفض. فإن كان في موضع نصب أو خفض ، لم يجز فيه عندهما إلّا البناء على الكسر ، أو الفتح. وإن كان في موضع رفع ، فهو عندهما يجوز فيه الوجهان : البناء ، والإعراب إعراب ما لا ينصرف.
ودليلهما أنّ «أمس» إذا كان غير ظرف ، وكان في موضع نصب أو خفض ، يجوز فيه البناء على الفتح ، نحو قوله [من الرجز] :
لقد رأيت عجبا مذ أمسا
وهذا لا حجة فيه لأنه يمكن أن يكون معربا إعراب ما لا ينصرف ، وأيضا فإنّ الدليل على أنّه ليس بمبنيّ على الفتح أنّه لم يأت إلّا في موضع خفض ولو كان مبنيا لجاء مثل : «شهدت زيدا أمس».
فإن كان معرّفا بالألف واللام ، أو بالإضافة ، أو منكّرا ، أو مجموعا ، أو مصغّرا ، فإنّه معرب أبدا على كل حال.
__________________
٧ / ١٦٧ ، ١٦٨ ؛ والدرر ٣ / ١٠٨ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٥٣٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٢٦ ؛ وشرح قطر الندى ص ١٦ ؛ وشرح المفصّل ٤ / ١٠٦ ، ١٠٧ ؛ والكتاب ٣ / ٢٨٤ ؛ ولسان العرب ٦ / ٩ ، ١٠ (أمس) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٩٥ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٣٥٧ ؛ ونوادر أبي زيد ص ٥٧ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٠٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ٨٤١ ، ٨٦٣.
الإعراب : لقد : اللام موطّئة للقسم. قد : حرف تحقيق. رأيت : فعل وفاعل. عجبا : مفعول به منصوب بالفتحة. مذ : حرف جر. أمس : اسم مجرور بالفتحة عوضا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف ، والألف للإطلاق.
والشاهد فيه قوله : «مذ أمسا» حيث بنيت «أمس» على الفتح ، هذا على رأي بعضهم ، وهي اسم غير منصرف.