.................................................................................................
______________________________________________________
بأنّ ذلك في الفريضة ، وفعلهم دائماً صلوات الله عليهم النافلة على القبلة لم يثبت ، ولو ثبت لم يوجب ذلك لمواظبتهم على الاستحباب فلا تأسّي ، فإنّ ذلك بعد العلم بالوجه وهو منتفٍ فينتفي التأسّي. وفعلهم مع القربة يفيد الاستحباب وبدونه الإباحة. ولم يثبت قوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي (١)» في المندوبات أيضاً. قلت : وقد يجيبون عمّا ورد في صحيح زرارة (٢) من أنه «لا صلاة إلّا إلى القبلة» بأنّ الظاهر من آخر الخبر أنّ ذلك في الفريضة ، ومثله صحيحه الآخر (٣) الّذي فيه «لا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك» لأنّ آخره كالصريح بأنّ ذلك في الفريضة.
ويجاب بأنّ الأصل في الصلاة الاستقبال لقوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» الشامل للفريضة والنافلة ، وعلى المخصّص الدليل. ثمّ إنّ الصلاة اسم للصحيحة فما شكّ في شرطيّته فهو شرط فلا محلّ للأصل كما قرّر في محلّه. وتحريم الفريضة في الكعبة للاستدبار إن سلّم فإنّما يعطي جواز استدبار بعض القبلة كما هو ظاهر. وما استفاض في معنى الآية يجوز أن يكون لجواز الاستدبار في النوافل لأدنى حاجة فيختصّ بالسائر في حاجة راكباً وماشياً وبه يفترق عن المستقرّ. والمضطجع مستقبل قبلته ولا نسلّم جواز الصلاة له إن كان في اضطجاعه مستدبر القبلة اختياراً ، وقد تقرّر أنّ ما يقع بياناً للمجمل يجب مراعاته إذا كان مستحدثاً لا يقطع بخروجه عن كونه بياناً. ولا ريب أنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» نصّ في بيان الصلاة وأنه مجمل أو كالمجمل فإذا استقبل علمنا أنّ ذلك شرط. ولو كانت صحيحة بغير القبلة اختياراً لصدر ذلك بمقتضى العادة عنه صلىاللهعليهوآله أو عن أحد الحجج صلوات الله عليهم ، ونقل إلينا
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب الصلاة ج ١ ص ١٦٢ و ١٦٣ ، السنن الكبرى : كتاب الصلاة ج ٢ ص ٣٤٥.
(٢ و ٣) وسائل الشيعة : ب ٩ من أبواب القبلة ح ٢ و ٣ ج ٣ ص ٢٢٧.