.................................................................................................
______________________________________________________
الإرشاد (١)» تظهر الفائدة فيما إذا خالفها الحاذق في الجهة. وفي «المنتهى» البصير في الحضر يتبع قبلة أهل البلد إذا لم يكن متمكّناً من العلم (٢). وقال في «المدارك (٣)» أيضاً : وإطلاق كلامهم يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين ما يفيد العلم بالجهة أو الظنّ أو ينتفي الأمران ولا بين أن يكون المصلّي متمكّناً من معرفة القبلة بالعلامات المفيدة للعلم أو الاجتهاد المفيد للظنّ أو ينتفي الأمران. وربما ظهر من قولهم «فإن جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظنّ» عدم جواز التعويل عليها للمتمكّن من العلم ، إلّا إذا أفادت اليقين ، وهو كذلك ، لأنّ الاستقبال على اليقين ممكن فيسقط اعتبار الظنّ ، وقد قطع الأصحاب بعدم جواز الاجتهاد في الجهة والحال هذه لأنّ الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق ممتنع ، انتهى.
قلت : هذا الّذي ذكره أشار إليه في «المنتهى» كما سمعت ، ومراد الأصحاب أنّ استقرار عمل المسلمين من أقوى الأمارات المفيدة للعلم غالباً فلذا أطلقوا. وقال الشيخ في «المبسوط (٤)» : وإذا دخل غريب إلى بلد جاز أن يصلّي إلى قبلة البلد إذا غلب في ظنّه صحّتها ، فإذا غلب على ظنّه أنها غير صحيحة وجب أن يجتهد ويرجع إلى الأمارات الدالّة على القبلة ، انتهى. وكلامه يعطي أنه يعول على قبلة البلد مع انتفاء ظنّ الغلط كما نقل ذلك عن «المهذب (٥)» وكما في «مجمع البرهان (٦)» وقد قطع الأصحاب كما سمعته من عبارة «المدارك» أنه لا يجوز الاجتهاد في الجهة. ومرادهم أنه لا يجوز العمل على وفقه ، لأنه عمل بالظنّ في مقابلة العلم ، ولعلّه غير ظنّ الغلط الّذي يعطيه كلام الشيخ ولا مستلزم له ، فإن استلزمه انقلب العلم وهماً. وينبغي إمعان النظر في كلام الشيخ لينطبق على كلام الأصحاب.
__________________
(١) حاشية الإرشاد : في القبلة ص ٢٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).
(٢) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ٢٠٠.
(٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٣ ١٣٤.
(٤) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٩.
(٥) المهذّب : في القبلة ج ١ ص ٨٦.
(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في الاستقبال ج ٢ ص ٦٧.