ثامن جوان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لثالث رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٣٩).
ولما اتفق قدوم الحاج المزاري من الحج بأثر موت عمه مصطفى بن إسماعيل ولته الدولة بمحله بل بموضعه في القول الراجح الشهير. وجعل عليه خليفة ابن عمه محمدا بالبشير.
ثم أمر الجنرال الكبير ، المخزن بالخروج من وهران والإتيان عنده بلا أخبية ولا يرجعون إلا بأخذ الثأر ، وإزالة اللوم والعار ، والأفهم من جملة النائبة أهل المذلة والنية الخائبة. فامتثلوا أمره وخرجوا تحت رئاسة آغة الحاج المزاري القادم من حجة يوم موت عمه مصطفى في قول التماري ، في ثالث عشر جوان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لسابع رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٤٠) ولحقوا به وهو في الرحوية من بلاد فليتة ، وجزموا بأن لا يدعوا لأحد منهم تفليتة. وكان الأمير نازلا بالكرايش ثم نزل ومعه الكرايش وفليتة وحلوية برهيو ، وهم في صولة عظيمة لا عبرة لهم بمحلة الدولة ومخزنها بغاية الترهيو.
وحصل القتال الشديد في ذلك اليوم ، وظهرت من الحاج المزاري الشجاعة التي أزال بها للعار واللوم ، وأتبعه المخزن في فعله بغاية المراد ، وظفر بالعدو وهو في الازدياد. وقد كان العدو حمل أمتعته على الإبل وقاوم المحلة بما أراد ، فخيب الله له ما تمنى وأراد ، وصارت أمواله صارخة. ومن شدة القتل عادت نائخة. وكان رجل في غاية الشجاعة على فرسه وهو كبير بني لومة ، ومعه آخرين في غاية الشجاعة التي صيرتهم عدومة. يقاتل وهو حصن العدو المنيع وكهفهم الحصين المنجي لهم من التوقيع ، فلاقت عليه خمسة فوارس من الدواير في ميدان المعركة بغاية التلاق ، وهم محمد بالبشير ، والسيد محمد بن داوود آغة. والسيد أحمد ولد قادي باش آغة ، وبن عودة بن إسماعيل ، والحاج قدور بالشريف الكرطي ، وصار بينهم كثعلب بين السلاف ، إلى أن قتله باش آغة
__________________
(٢٣٩) ٨ جوان ١٨٤٣ يوافقه ١٠ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه ، وليس ٣ من شهر رجب.
(٢٤٠) ١٣ جوان ١٨٤٣ م يوافق ١٥ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه وليس رجب.