والغيظ الشديد ، الذي زادنا بفقده ترادف الهم العتيد. وما تكلمت معكم به إلا لما نعرفه فيكم من الحماسة والبسالة ، لكونكم لستم من أهل الجبن والجزاعة المفضية للبطالة ، فغرضي بذلك أن أحرك لكم الإنافة باعلا (كذا) الأنوف ، لتموتوا عن آخركم أو تخلفوا الثأر بغاية القتال الكائن بالبنادق والسيوف. ولما خلفتم الثأر وأزلتم عنا وعنكم البخس والعار. فقد زال غضبي ، وذهب عطبي ، فإنكم اليوم عند الدولة بأعيانها في غاية العز والمكانة العالية أكثر مما كنتم فيه. وذلك شأن الرجال في مكائد الحروب السجالية فعليكم بالصبر على قضاء الله تعالى بالحكم له وحده منفرد به في ملكه وهو المتصرف فيه ، وأن الموت لازمه لكل مخلوق ، والفراق لا يخلوا (كذا) منه مخلوق.
قال الشاعر :
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره |
|
تعددت الأسباب والداء واحد |
وفي اليوم المذكور وهو رابع جليت (كذا) سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للثامن والعشرين من رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (١) تلاقى الجنرال بورجلي بالشريف بن عبد الله المتريس على الجيش الكثير في غيب زمورة ، فحصل القتال الذارع بين الفريقين وانهزم بن عبد الله بجيشه بعد ما قتل منه الكثير وصارت حالته مدمورة. ثم في الرابع عشر من جليت (كذا) الموافق لثامن من شعبان (٢٤٢) اجتمعت المحال مع محلة الجنرال أبي هراوة بفرطاسة ، وتفرقت على غيب قربوسة وفليتة وأوديتها للتفتيش على العدو صاحب الحالة الغطاسة. فخرج الدواير والزمالة في الشرفة وأولاد سيدي يحيى وأولاد سيدي الأزرق ، فأسرفوا فيهم بالقتل وسبوا من نسائهم وأولادهم نحو الألف نسمة وأثخنوا فيهم إلى أن أذعنوا بالطاعة في القول المحقق ، وذهبوا بالسبي في عشرين جليت (كذا) الموافق لرابع عشر شعبان لوهران ، وذهب الأمير للناحية الغربية بالاتقان. وفي الحادي والعشرين من جليت الموافق لخامس عشر شعبان ، تلاقى به الكولونيل جيري بعيوت البرانس ووقع بينهما القتال بغاية ما
__________________
(٢٤١ م) ٤ جويلية ١٨٤٣ يوافق ٦ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه وليس ٢٨ رجب.
(٢٤٢) ١٤ جويلية ١٨٤٣ م يوافق ١٦ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه ، وليس شهر شعبان.