على قلوبهم وأنمناهم ثم أيقظناهم أيضا ، أعثرنا عليهم ، أي أطلعنا الناس أو اهل المدينة المجاورة على حقيقة أصحاب الكهف ، والضمير في يتنازعون وفي أمرهم يعودان الى أهل المدينة المجاورة للكهف ، لأنهم اختلفوا : هل أهل الكهف نائمون أو ميتون؟. وقع هذا الاختلاف بين أهل المدينة لما رأوا النقود القديمة مع الذي أراد أن يشتري بها الطعام ، وذهبوا الى الكهف ورأوا أجساما على الأرض لا تتحرك ولا تتكلم. أما قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ ..) الخ» فإنه يشير الى أن أهل المدينة انقسموا في شأن أهل الكهف ، فمن قائل : نتركهم كما هم عليه. وقائل : بل نسد الكهف عليهم. وقال فريق ثالث : نبني عليهم مسجدا يصلي فيه الناس. وقد غلب هذا الرأي على بقية الآراء.
وبعد بيان المراد من كلمات الآية نبدأ بالتفصيل .. من عادة القرآن الكريم أن يحذف كل ما يمكن فهمه من سياق الكلام ، أو من اللوازم التي لا تنفك عن طبيعة الحادثة ، وعلى هذا الأساس حذف هنا عددا من الجمل لأنها تعرف من السياق وطبيعة الحال ، وتتلخص الجمل المحذوفة بأن أحدهم ذهب الى المدينة لشراء الطعام ، وكان حذرا كما أوصاه الرفاق ، ولكنه فوجئ بأمر لم يكن في الحسبان وذلك انه حين أعطى الدراهم لصاحب الطعام تأملها هذا ، وقال : هذه النقود قديمة ، وهي من عهد الملك «دقيانوس» كما قيل. ولا أحد يتعامل الآن بها. قال الرجل صاحب النقود : كيف من الأمس الى اليوم؟. وشاع الخبر بين أهل المدينة ، ولما سألوا عن شأنه وشأن النقود أخبرهم انه خرج وأصحابا له هربا بدينهم من الطغاة وآووا الى الكهف ، فقال قائل من الحاضرين : أجل ، سمعت ان جماعة فروا في الزمن القديم بدينهم خوفا من ملكهم دقيانوس المرسوم على هذه النقود ، ولجأوا الى الكهف ، ولعلهم هؤلاء ، فهرع الناس الى الكهف بعد أن سبقهم اليه صاحب النقود ، وأخبر أصحابه بما كان.
وخاتمة القصة انه بعد أن انكشف أمرهم تضرعوا الى الله ، كما تضرعوا اليه حين دخلوا الكهف ، وطلبوا منه أن يشملهم برحمته ، ويختار ما فيه لله رضا ، ولهم فيه صلاح ، وما أتموا دعاءهم هذا حتى وقعوا جميعا أجساما هامدة ، وانتقلت أرواحهم الطاهرة الى ربهم حيث النعيم الخالد ، فاتخذ الناس عليهم مسجدا.