قسم محذوف أي والله لتفسدن. ومرتين نائبة مناب المفعول المطلق ، أي إفسادا بعد افساد ، أو إفسادتين. والوعد هنا اسم مفعول أي الموعود. وخلال ظرف مكان متعلق بجاسوا. وكان وعدا اسم كان ضمير مستتر يعود الى الجوس ووعدا خبر. ونفيرا تمييز. فإذا جاء وعد الآخرة جواب إذا محذوف دل عليه جواب إذا الأولى أي فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم عليكم. وليسوءوا واو الجماعة عائد الى المبعوثين ، ويسوءوا منصوب بان مضمرة بعد اللام ، والمصدر المنسبك مجرور بها ، ويتعلق ببعثنا المحذوفة. وأول مرة منصوب على الظرف. وما علوا (ما) مفعول ليتبروا أي يهلكوا ما غلبوا عليه من البلاد.
المعنى :
المعنى الجملي لهذه الآيات ان الله أخبر بني إسرائيل انهم يفسدون في الأرض أولا ، فيسلط عليهم من يذلهم بالقتل والأسر والسلب والنهب ، ثم يستردون قوتهم ، ولكن يعودون الى الإفساد ثانية ، فيسلط عليهم أيضا من يضربهم الضربة الثانية ، وفيما يلي التفصيل :
١ ـ (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ). المراد بالقضاء هنا الاعلام والإيحاء ، لا القضاء بمعنى الحكم والأمر لأن الله لا يقضي بالفساد : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) ـ ٢٨ الأعراف ، والمراد بالكتاب التوراة التي أنزلت على موسى بدليل قوله تعالى : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ). والمعنى ان الله سبحانه أخبر بني إسرائيل ان خلفهم سيفسدون في الأرض مرتين.
٢ ـ (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ). وليس المقصود بافسادهم هنا الإفساد بمعناه العام الذي يشمل الكفر والكذب وأكل الربا ، وتدبير المؤامرات ونحوها .. فان هذا هو دينهم ودينهم في كل عصر وجيل ، وكل طور من أطوار حياتهم ، فلقد قال تعالى فيما قال عنهم : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ـ الى قوله ـ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ـ ٦٤ المائدة. ليس المقصود الإفساد العام ، وانما المقصود