الإفساد الخاص ، وهو الحكم والسيطرة ، وان حكمهم هو الإفساد بالذات بدليل قوله تعالى مخاطبا بني إسرائيل :
٣ ـ (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً). والقرآن الكريم يستعمل العلو في الطغيان والإفساد قال تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) ـ ٤ القصص. وقال : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ـ ٨٣ القصص. والمعنى انكم يا بني إسرائيل ستحكمون مرتين ، وتتخذون الحكم وسيلة للفساد الكبير الخطير الذي لا يقاس به أي فساد .. فتستبيحون المقدسات ، وتنتهكون الحرمات ، وتستهينون بالقيم والأخلاق ، وبكل حق لله وللإنسان.
ولم ينص القرآن الكريم على مكان وزمان افسادهم الكبير بسبب الحكم مرتين ، ولكن المؤرخين وجماعة من المفسرين قالوا : ان بني إسرائيل أغاروا على فلسطين بعد التيه بقيادة يوشع بن نون خليفة موسى بن عمران ، واحتلوها واستولوا على جميع ما فيها من خيرات وثروات بعد أن أبادوا معظم أهلها الكنعانيين ، واستعبدوا من بقي منهم ، وكانت سيرتهم مع يوشع تماما كسيرتهم مع موسى : العصيان والعناد .. وهذه هي المرة الأولى ، أما المرة الثانية فمن قائل : انها لم تقع بعد ، وانها ستقع في المستقبل على أيدي العرب والمسلمين في فلسطين ، ويأتي البيان ، ومن قائل : انها وقعت ومضى أمدها. وهذا القول هو الأرجح.
وفي كافة الأحوال فان القرآن الكريم ينص صراحة على ان بني إسرائيل إذا حكموا وسيطروا طغوا وبغوا وأفسدوا في الأرض وعلوا علوا كبيرا .. اذن ، فلا بدع أن تبقر الدولة الصهيونية الاستعمارية بطون الحبالى في فلسطين ، وتدفن الشباب أحياء ، وتطلق النار على المساجين ، وتلقي قنابل النابالم على الآمنين ، وتهدم البيوت على أهلها ، وتكم الأفواه بالأموال والضغط العنيف .. ثم تتباكى وتتظلم من الاعتداء عليها .. نقول هذا مع العلم بأن
القرآن لا يشير إطلاقا الى هذه العصابة المرتزقة التي باعت نفسها لكل من قاد ويقود قوى الشر والاستعمار .. ولكن جاءت الاشارة اليها لأن هذه العصابة تحمل اسم إسرائيل ، وتدعي الانتماء إلى بنيه مسخة القرود والخنازير.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما). ضمير أولاهما يعود إلى المرتين من افساد بني