سورة آل عمران ج ٢ ص ٢٣١. ونقلنا هناك الأقوال في ان أفعال الله هل تعلل بالأغراض ، او انه تعالى لا يقبح منه شيء ولا يجب عليه شيء؟ (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ). اللهو واللعب والعبث محال على من يقول للشيء : (كُنْ فَيَكُونُ ..) ولذا قال تعالى : (لَوْ أَرَدْنا ..»إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) أي ما أردنا ولسنا بفاعلين ، ولو أراد ان يتخذ لهوا ـ وفرض المحال ليس بمحال ـ لاتخذه من عنده أي من نوع آخر يناسب عظمته لا من نوع ما يفعله العباد كاللهو بالنساء والأولاد.
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ). المراد بالحق هنا الجد والحقيقة في قبال اللهو الذي نفاه تعالى عنه ، والمراد بالباطل اللهو واللعب .. بعد ان قال ، جلت عظمته ، لا نتخذ لهوا قال : كل أفعاله وأقواله جد وحقائق ، لا عبث فيها ولا لهو ، بل إذا جاء العبث واللهو من أي مصدر فانه يبطله ويمحقه فكيف يرتضي لنفسه ما لا يرتضيه لغيره؟. (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) الله به ، وتنسبون اليه من صفات المصنوعين.
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) أي لا يعيون ولا يكلّون. وقال المفسرون : المراد ب (من عنده) الملائكة .. والذي نفهمه نحن ان المراد بهم كل من له مكانة ووجاهة عند الله ملكا كان أو بشرا (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) أي لا يسأمون بل هم دائبون على الطاعة له في الأقوال والأفعال ، ولا يتوهمونه بالتصوير ، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين.
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ). جملة هم ينشرون صفة للآلهة ، والمعنى ان كل معبود للمشركين فإنه لا يحيي الأموات ، ولا يبعثهم من قبورهم ، بل الله وحده هو الذي يحيي ويميت (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ). انظر ما كتبناه بعنوان دليل التوحيد والأقانيم الثلاثة عند تفسير الآية ٤٨ من سورة النساء ج ٢ ص ٣٤٤.