وتسأل : ان كان تقدير الكلام كل واحد منهما فينبغي أن يقول يسبح ، وان كان التقدير كلاهما فينبغي ان يقول يسبحان ، فما هو الوجه في قوله يسبحون بضمير الجمع؟.
وأجاب المفسرون بأجوبة أرجحها ان لكل من الشمس والقمر منازل ومطالع ، وقد أعاد سبحانه ضمير الجمع على كل منهما باعتبار منازله.
(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ). قال الطبرسي : لما تضايق مشركو قريش من محمد (ص) قالوا : نتربص به الموت. فنزلت هذه الآية لتجيبهم بأنه لا نجاة لأحد من الموت ، وهل إذا مات رسول الله (ص) تخلدون بعده أيها المشركون؟ وسياق الآية لا يأبى ما قاله الطبرسي (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فهو طالب حثيث لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، وأكرم الموت الاستشهاد من أجل احقاق الحق وإبطال الباطل.
(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ). ان الله سبحانه يبتلي عباده بما يحبون وما يكرهون ، ليظهر كلّ على حقيقته ، فمن شكر عند الرخاء ، وصبر عند الشدة فهو من المخلصين المؤمنين ، وله أجرهم وثوابهم ، ومن كفر وبطر فهو من الذين حقت عليهم كلمة العذاب. وقيل : ان أمير المؤمنين عليا مرض ، فعاده أصحابه ، وقالوا : كيف أنت يا أمير المؤمنين؟ قال : بشرّ. قالوا : ما هذا كلام مثلك. قال : ان الله تعالى يقول : ونبلوكم بالشر والخير فتنة ، فالخير الصحة والغنى ، والشر الفقر والمرض. وقال أيضا : من وسّع عليه في دنياه ، ولم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله .. وكلمة فتنة في الآية تأكيد لنبلوكم لأن معنى الفتنة هنا الابتلاء والاختبار ، يقال : فتن الصائغ الذهب إذا أذابه ليختبر جيده من رديئه.
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ). كفروا بالله ، وآمنوا بالأحجار فدعاهم النبي (ص) الى الايمان بالله وحده ، ونبذ الأحجار ، فسخروا منه ومن دعوته الى الحق الواضح ، ومن قوله : ان أصنامهم وأحجارهم لا تضر ولا تنفع .. وقال بعض المفسرين : «وهذا أمر عجيب جد عجيب» .. ولا عجب فهذا شأن كل من استهوته