الحلوى والعسل ، وكان يحبهما ، وأكل لحم الجزور والضان والدجاج ، وأكل القثاء والبطيخ بالرطب ، والتمر بالزبد وكان يحبه ، وأكل الخبز باللحم والكبد المشوية ، والثريد بالسمن .. وعلى الإجمال كان هديه (ص) أكل ما تيسر ، ولبس ما تيسر ، فان أعوزه صبر .. وأطيب الأشياء على الإطلاق هو الأكل من كد اليمين وعرق الجبين ، قال الرسول الأعظم : من أطيب ما أكل الرجل من كسبه.
(وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ). لكلمة الأمة معان ، منها الجماعة كقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) ـ ٣٨ الأعراف ، ومنها الحين كقوله : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) ـ ٤٥ يوسف أي بعد حين ، ومنها الملة كما في الآية التي نحن بصددها. وهذه في الآية اشارة الى ملة الأنبياء أجمعين ، والخطاب في أمتكم لكل الناس بدليل قوله تعالى بلا فاصل : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) الخ ، والمعنى لما ذا يتباغض الناس ويتفرقون شيعا ، فطائفة تنتسب الى موسى ، وثانية الى عيسى ، وثالثة الى محمد مع ان ربهم واحد ، ودينهم واحد ، والهدف منه واحد؟ وفي الحديث : الأنبياء اخوة من علات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد.
وتسأل : ان شرائع الأنبياء متعددة ومتفاوتة ، فكيف يكون دينهم واحدا؟. الجواب : ان الاختلاف في الشريعة لا يستدعي الاختلاف في الدين ، ما دامت الأصول واحدة ـ مثلا ـ قوانين الدول المسيحية كثيرة ومتفاوتة ، ومع هذا تجمعهم عقيدة دينية واحدة.
(فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ). ضمير تقطعوا وما بعده يعود الى أتباع الأنبياء ، والمراد بالزبر الكتب ، والمعنى ان الأنبياء على دين واحد ، ولكن أتباعهم على أديان شتى ، فقد اتبع كل فريق كتابا يؤمن به ويكفر بسواه ، فاليهود آمنوا بالتوراة بعد أن حرفوها ، وكفروا بالإنجيل والقرآن ، والنصارى حرفوا الإنجيل وآمنوا به وبالتوراة المحرّفة ، وكفروا بالقرآن. أنظر ما كتبناه بعنوان «كل يعزز دينه» ج ١ ص ١٨١.
(فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ). بعد ان بلغهم النبي (ص) رسالات ربه ، وألقى اليهم المعذرة بما حذر وأنذره أمره الله سبحانه ان يعرض عنهم ، ويدعهم بما هم فيه من الغفلة والضلال .. وهذا تهديد ووعيد بدليل قوله تعالى بلا فاصل