يقدر على النشأة الأولى يقدر على الثانية .. وكل قادر غير الله يقدر على شيء ، ويعجز عن أشياء ، ويعلم قليلا ، ويجهل كثيرا ، أما هو فانه على كل شيء قدير ، وبه عليم.
٢ ـ (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ). ولا فرق بين أن يقولوا : الله رب السموات ، وبين أن يقولوا : السموات ملك لله لأن اللام هنا للملك ، ورب الشيء مالكه وصاحبه ، والعرش كناية عن سلطانه تعالى وسيطرته .. ومن كانت السموات طوع أوامره يهون عليه اعادة من مات (قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) غضب الله وعذابه. وتكلمنا عن السموات السبع عند تفسير الآية ١٧ من هذه السورة.
٣ ـ (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ). المراد بملكوت كل شيء ان كل شيء خاضع له تعالى ، ومفتقر اليه ، وانه غني عن كل شيء (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) هو رحمة لمن استرحمه ، وغوث لمن استغاث به ، ولا راحم ومغيث لمن حقت عليه كلمة غضبه وعذابه (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) ملك الكون بأرضه وسمائه (قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) أي ما دمتم تعترفون بذلك فكيف أنكرتم البعث ، وخدعتم عن الحق؟. (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ) كلا لم يخدعوا عن الحق ، ولم يلتبس عليهم بالباطل بعد أن قامت عليه الدلائل الجلية الواضحة (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). انهم لم يخدعوا عن الحق ، ولكنهم تخادعوا عنه ، وأظهروا كذبا وزورا انهم لم يقتنعوا بالبعث ، محتجين ان دليله خفي عليهم.
وتسأل : من أين جاء العلم بأنهم أنكروا البعث ، وقلوبهم مطمئنة بالايمان ، بل ان كثيرا من الآيات قد دلت بصراحة على انهم أنكروا البعث لمجرد الاستبعاد غفلة عن النشأة الأولى ، وجهلا بقياس الاعادة على الابتداء؟
الجواب : أجل ، ولكن من أنكر ما قامت عليه الحجج القاطعة الساطعة بحيث لا يكون له أي مبرر في الجحود والإنكار إطلاقا فهو تماما كمن أنكر الشيء ، وهو به مؤمن.