الرجم لأنهما قد خرجا عن عموم الآية بالسنة القطعية وقيام الإجماع ، بل جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم ان عمر بن الخطاب قال : «ان الله بعث محمدا بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها وو عيناها». (البخاري ج ٨ ص ٢٠٩ طبعة سنة ١٣٧٧ ه ومسلم ص ١٠٧ القسم الأول من الجزء الثاني طبعة سنة ١٣٤٨ ه). وفي رواية ثانية للبخاري ج ٩ ص ٨٦ ان عمر بن الخطاب قال : لو لا ان يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي.
وتسأل : قال تعالى في الآية ١٥ من سورة النساء : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) فقد أوجب سبحانه في هذه الآية ان تحبس الزانية في البيت ولا تخرج منه إلا ميتة أو يجعل الله لها سبيلا آخر ، ثم أوجب عليها الجلد في الآية التي نفسرها ، فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.
الجواب : قلنا عند تفسير آية النساء في ج ٢ ص ٢٧١ : ان المراد بقوله تعالى : (يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) انه جل وعز لم يجعل عقوبة الحبس في البيت حكما دائما ، بل لفترة محدودة ، ثم يحدث التشريع النهائي ، وهكذا كان ، حيث نسخت عقوبة الحبس في البيت وحلت محلها عقوبة الرجم للمحصنة ، والجلد لغيرها .. وقال بعض العلماء : لا نلجأ الى النسخ إلا بورود النص ، أو إذا تعذر الجمع بين الحكمين ، والمفروض ان الشارع لم ينص على نسخ عقوبة الحبس ، وان الجمع بينها وبين عقوبة الجلد ممكن ، وعليه يكون مفاد الآيتين ان الزانية غير المحصنة يجب ان تجلد مائة ، وان تحبس في البيت أيضا.
ونحن مع هذا القائل إذا أقنعنا بأن المراد بالسبيل في قوله تعالى : (يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) ، المراد به شيء غير تشريع الحكم النهائي الذي يتبادر الى الأذهان ، أما تفسير السبيل بالزواج كما ذهب اليه هذا العالم فبعيد عن الافهام.
(وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) لا تعطلوا الحد عن الزاني والزانية ، بل أقيموه واشتدوا عليهما ، وأوجعوهما ضربا ورجما ، ولا تمنعكم من ذلك شفقة ولا رحمة فإنه لا هوادة في دين الله .. ان غضب الايمان لا يطفئه شيء إلا رضى