الرحمن ، قال الرسول الأعظم (ص) : «لو سرقت فاطمة لقطعت يدها». وفي نهج البلاغة : فرض الله القصاص حقنا للدماء ، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم .. (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). هذا تأكيد وتحريض على اقامة الحدود وان التهاون بها استخفاف بالدين (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). والغرض من ذلك ان يشيع حديث العقوبة بين الناس فيتعظوا ويزدجروا .. وقيل : أقل ما تصدق عليه كلمة الطائفة ثلاثة أفراد ، وقيل : بل يكفي الواحد بدليل قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) ـ ٩ الحجرات. وتكلمنا مفصلا في الجزء السادس من فقه الإمام جعفر الصادق (ع) عن تعريف الزنا وشروطه وأقسامه وطرق إثباته وحدّه وكيفية إقامته وعن توبة الزاني وغيرها مما تعرض له الفقهاء.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ). قيل : هذه الآية من مشكلات القرآن ومتشابهاته لأن ظاهرها الإخبار بأن الزاني لا ينكح إلا زانية مثله أو مشركة ، وان الزانية لا ينكحها إلا زان مثلها أو مشرك ، مع ان الزاني قد يتزوج عفيفة شريفة ، والزانية قد تتزوج عفيفا شريفا ، فكيف جاء ظاهر الآية على خلاف الواقع؟.
وفي رأينا ان الآية من المحكمات الواضحات ، فليست هي إخبارا عن الواقع كي يقال: انها تنافره وتناقضه ، ولا حكما شرعيا يحرّم على الزاني ان يتزوج مسلمة عفيفة ، وعلى الزانية ان تتزوج مسلما عفيفا ، بل عليهما إذا أرادا الزواج أن يتزوج هو بزانية مثله أو مشركة ، وان تتزوج هي بزان مثلها أو مشرك ، كما زعم كثير من المفسرين .. كلا ، ليس هذا هو المراد ، لأن المسلم تحرم عليه المشركة ، وان ثبت عليه الزنا من قبل ، وكذا المسلمة فإنها تحرم على المشرك حتى ولو ثبت عليها الزنا من قبل .. كلا ، ليست الآية إخبارا عما هو كائن ، ولا حكما شرعيا ، بل معناها الظاهر ـ بصرف النظر عما قيل في سبب نزولها ـ ان الزنا من أفحش القبائح وأشنعها ، ولا يفعله إلا عاهر فاجر ، فإذا رغب فيه راغب فلا يجد أحدا يستجيب لرغبته إلا من هو مثله في الفسق والفجور رجلا كان أو امرأة ، وبكلمة أخصر ان معنى الآية أشبه بقولك للمجرم : لا يقرك