على جريمتك إلا مجرم مثلك لا دين له ولا ضمير. واين هذا من الإخبار عما وقع أو من تشريع الأحكام؟
وقوله تعالى : (أَوْ مُشْرِكَةً .. أَوْ مُشْرِكٌ) يومئ إلى أن الزنا بمنزلة الشرك بالله .. وقد ساوى سبحانه في الحكم بين الشرك وقتل النفس المحترمة والزنا حيث قال : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) ـ ٦٨ الفرقان ، وسئل النبي (ص) عن أعظم الذنوب فذكر هذه الثلاثة (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وأيضا على المؤمنات ، وانما اكنفى بذكر المؤمنين تغليبا .. وذلك إشارة الى الزنا بدليل ظاهر السياق.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً). المراد بالرمي القذف بالزنا ، وقوله : الذين يرمون ظاهر بخصوص الرجال ، ولكن النساء مثل الرجال في هذا الحكم ، والمراد بالمحصنات العفيفات ، سواء أكنّ متزوجات أم غير متزوجات ، وقد ألحق العلماء بهن في الحكم الرجل المحصن ، تماما كما ألحقوا النساء بالرجال في الرمي ، وبكلمة ان حكم الجلد يشمل الرجل والمرأة ، سواء أقذفها هو بالزنا ، أم هي التي قذفته به .. ويجلد القاذف أو القاذفة إذا لم يأت أحدهما بأربعة شهود ، يشهد كل واحد منهم انه رأى الميل في المكحلة يدخل ويخرج .. والغرض من كثرة الشهود والتشدد في شهادتهم ان لا يشهد أحد بالزنا حرصا على الستر وحماية الأسرة من الشتات والضياع.
(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الضمير في لهم يعود الى من رمى المحصنين أو المحصنات دون أن يأتي بأربعة شهود ، والمعنى ان من قذف محصنا أو محصنة ولم يثبت ذلك بأربعة شهود فهو فاسق لا تقبل له شهادة في أي شيء على الإطلاق إلا بعد أن يتوب ويعمل صالحا ، وبعد التوبة وحسن السيرة تقبل شهادته ، سواء أتاب قبل الحد أم بعده. وقال أبو حنيفة : لا تقبل شهادته وان تاب لأن ردها من جملة الحد والتأديب .. وهذا اشتباه لأن قوله تعالى بلا فاصل : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يومئ الى قبول شهادته مطلقا ، حتى ولو تاب بعد الحد ، وأصرح