الفعل والترك ، وفتح باب التوبة لمن عصى وأذنب ، وهذا هو فضله ورحمته ، أما تزكيته فلا يمنحها إلا لمن سمع وأطاع (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وحكيم أيضا لا يزكي إلا أصحاب الأعمال الزاكية ، والقلوب الصافية.
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ). روي ان هذه الآية نزلت في أبي بكر حين حلف ان لا ينفع مسطح بن اثاثة أبدا بعد أن اشترك مع من اشترك في اشاعة الفاحشة في ام المؤمنين ، وقد اجتمعت هذه الصفات الثلاث في مسطح أي القربى من أبي بكر ، والمسكنة والهجرة في سبيل الله ، فهو ابن خالة أبي بكر ، وهو مسكين لا مال له ، وهو من المهاجرين والبدريين (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). هذا وعد من الله سبحانه ان يعفو ويرحم من عفا وصفح عمن أساء اليه .. وكان الإمام زين العابدين (ع) يعفو عمن يسيء اليه ، ثم يخاطب الله بقوله : ربنا انك أمرتنا بالعفو عمن ظلمنا ، وقد عفونا كما أمرت ، فاعف عنا ، فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين.
(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ). في الآية ٤ من هذه السورة بيّن سبحانه ان من يقذف امرأة بالزنا ، ولم يأت بأربعة شهداء فعقوبته في الحياة الدنيا أن يجلده الحاكم الشرعي ثمانين جلدة كائنا من كان القاذف ، وسكت سبحانه عن عقوبة القاذف وعذابه في الآخرة ، وفي الآية التي نفسرها بيّن جل وعز ان عقاب القاذف في الآخرة هو العذاب العظيم إذا كانت المقذوفة عفيفة بريئة مما رميت به ، وهذا هو المراد بقوله تعالى : الغافلات أي الذاهلات عن الزنا ، لا يفكرن فيه ، أو لا يفعلنه والأمر كذلك فيمن قذف بالزنا عفيفا بريئا.
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). في الدنيا يحتاج المدعي الى شهود ـ مثلا ـ إذا ادعت امرأة ان فلانا قذفها بالزنا ، وأنكر المدعى عليه ، فعليها الإثبات ، فان عجزت ردت دعواها ، أما في الآخرة فلا تحتاج الى شهود ، ولا تطالب بهم لأن الفاعل لا سبيل له الى الإنكار ، ولو افترض انه أنكر أو حاول شهدت عليه جوارحه وأعضاؤه ، فكل عضو يشهد