الإعراب :
تستأنسوا منصوب بأن مضمرة بعد حتى ، ومثله حتى يؤذن. وتذكرون أصله تتذكرون. والمصدر من ان تدخلوا مجرور بفي محذوفة.
المعنى :
(الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ). الخبيث هو القبيح من كل شيء ، فيشمل العقيدة والنوايا والصفات والأقوال والأفعال بشتى أنواعها ، ولا يختص بالزنا ، والطيب هو الحسن من كل شيء ، وأطلق القرآن الكريم كلمة الخبيث على الرديء من الأرض والمال والكلام والمأكول المحرم ، وعلى كل من استحق سخط الله وعذابه من شياطين الانس والجن .. وقال جماعة من المفسرين : المراد بالخبيثات هنا من خبث من النساء ، وبالخبيثين من خبث من الرجال ، وبالطيبات من طاب منهن ، وبالطيبين من طاب منهم ، وان معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون منهم للخبيثات منهن ، وكذلك الطيبون والطيبات.
وهذا القول لا يتفق مع الواقع ، فلقد رأينا الخبيثة يتزوجها الطيب ، والطيبة يتزوجها الخبيث ، بل لا يتفق هذا مع صريح القرآن ، قال تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) «الى قوله» (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) ـ ١١ التحريم. ومعلوم ان نوحا ولوطا نبيان معصومان ، وان فرعون هو القائل : أنا ربكم الأعلى.
والذي نراه ان المراد بالخبيثات في الآية ما خبث من الأقوال والأفعال ، وبالطيبات ما طاب منها ، وبالخبيثين من خبث من الرجال والنساء تغليبا للذكور على الإناث ، وبالطيبين من طاب منهم ومنهن أيضا من باب التغليب ، وعليه يكون المعنى ان ما خبث من الأقوال والأفعال لا يصدر إلا ممن خبث من الرجال