والنساء وما طاب من الأقوال والأفعال لا يصدر إلا ممن طاب منهم ومنهن ، تماما كما قال الشاعر : «وكل إناء بالذي فيه ينضح».
(أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). أولئك اشارة الى الطيبين والطيبات ، وضمير يقولون يعود الى الخبيثين والخبيثات ، وان الله سبحانه ينعم بالغفران والجنان على من طاب نفسا وفعلا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). حتى تستأنسوا أمر بالاستئذان قبل الدخول الى بيت الغير تماما كقوله تعالى : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) ـ ٥٩ النور ، فكل من يريد الدخول الى بيت الغير فعليه أن يستأذن أولا ، لأن الدخول تصرف في مال الغير ، فلا يحل إلا بإذن صاحبه ، ومن هنا قال الفقهاء : الاستئذان واجب ، والسلام مستحب ، ويكفي في الاستئذان والاذن كل ما دل عليهما ، فقرع الباب استئذان ، وأهلا وسهلا إذن ، وبعد الاذن يدخل ويسلّم.
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ). وتسأل : ان لم يكن في الدار أحد فمن الذي يأذن بالدخول؟.
وأجاب الشيخ المراغي وغيره بأن المراد «ان لم يكن فيها أحد يملك الاذن بأن كان فيها عبد أو صبي». والأرجح في الجواب ان الدار ان كانت خالية من أهلها فلا يجوز للغريب عنها أن يدخلها إلا إذا رأى صاحبها أولا ، وأذن ، كما لو قال له : اذهب الى داري وائتني منها بكذا ، أو اسبقني اليها وأنا لا حق بك.
(وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) ولا تلحوا في طلب الدخول ، ولا يكن في أنفسكم أية غضاضة على صاحب البيت ، واحملوه على الأحسن وقولوا : له عذر مشروع. انظر تفسير قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ـ ٨٣ البقرة ج ١ ص ١٤١ فقرة : «أصل الصحة» (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). هذا تهديد ووعيد لمن يشتم ويستغيب من لا يأذن له بدخول بيته.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ). المراد بهذه البيوت الأماكن العامة كالفنادق والحوانيت ، فمن كان له متاع في فندق أو في حانوت فله ان يدخله ويأخذ متاعه منه دون أن يستأذن صاحبه إذنا خاصا لأن