بالدعاء لمن استأذنه صدقا وإخلاصا ، لا كذبا ونفاقا.
وتسأل : قال تعالى لنبيه الكريم في الآية ٤٣ من سورة التوبة : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) وفي آية النور فوض أمر الاذن اليه ، فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.
الجواب : أمر الله نبيه في آية التوبة بالتثبت حتى يميز الكاذب من الصادق ، وفي آية النور ترك له حرية التقدير بعد ان يعرف حقيقة طالب الإذن وأهدافه والنتائج المترتبة على الاذن مؤمنا كان الطالب أو منافقا ، وعلى هذا الأساس يأذن أو يمنع ، فقد تستدعي المصلحة الاذن للمنافق لأن في وجوده مع الجماعة المسلمة مضرة ، وقد تستدعي المصلحة ان لا يأذن للمؤمن لأن المصلحة تستدعي بقاءه مع المسلمين.
(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً). الخطاب لمعاصري النبي (ص) ، يؤدبهم به تعالى مع نبيه الكريم بأحسن الآداب حيث أمرهم أن لا يدعوه عند الاستئذان وغير الاستئذان باسمه أو كنيته ، مثل يا محمد ويا أبا القاسم كما يدعو بعضهم بعضا بل ان يدعوه بأكرم صفاته وأجلها ، وهي النبوة والرسالة ، مثل يا نبي الله ويا رسول الله .. فان توقيره من توقيره تعالى ، فلقد قرن طاعته بطاعته في العديد من الآيات ، وقال في الآية ١٥٦ من سورة الاعراف : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ ـ أي وقروه ـ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) ـ ٢ الحجرات.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً). قد هنا للتحقيق ، والمعنى ان الله لا يخفى عليه تسلل المنافقين من مجلس الرسول خفية حين يذكر الجهاد ونحوه من الأمور العامة التي تهم المسلمين. وفي بعض الروايات انهم كانوا ينصرفون من مجلس الرسول (ص) متسترا بعضهم ببعض ، والى هذا تشير كلمة (لوذا) .. (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). الضمير في أمره يعود الى الله تعالى ، والمراد بالفتنة هنا البلاء في الدنيا .. وهذا تهديد