الله سبحانه يختبر عباده ، وهو أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال التي يستحق بها الثواب والعقاب كما قال الإمام علي (ع) ، ومن الأشياء التي امتحن الله بها عباده ، بل من أظهرها إرسال الرسل اليهم مبشرين ومنذرين ، فمن آمن بهم ، وسمع لهم وأطاع فقد استحق الثواب ، ومن كفر وعاند استحق العقاب ، فوجود النبي كمنذر ومبشر هو امتحان للمؤمنين والكافرين ، وسبب لإظهار ما يكنه كل من الفريقين .. وأيضا وجود الكافرين والمنافقين هو امتحان وابتلاء للأنبياء الصالحين ، لأن أهل الشر والفساد لا يدعون أهل الصلاح وشأنهم ، بل يحاولون إيذاءهم بكل سبيل ، بالاشاعات والافتراءات ، والدس والمؤامرات ، تماما كما فعل المشركون مع رسول الله (ص) ، ويفعل الآن العملاء المأجورون مع الأحرار المخلصين .. ويبتدئ تاريخ الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل بتاريخ الانسانية ، فلقد قتل قابيل هابيل ، وهما من نطفة واحدة ، وخرجا من رحم واحد ، قتله لا لشيء إلا لأن الله تقبل عمل هابيل لصلاحه ، ولم يتقبل عمل قابيل لفساده (أَتَصْبِرُونَ) أي اثبتوا على الحق أيها المؤمنون ، ولا تكترثوا بالمنافقين وأكاذيبهم (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) بمن يفتري على الأبرياء الصالحين ، وبمن يثبت على الحق مهما تكن النتائج ويجزي كلا بما يستحق.