لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) ـ ١٧ الاعراف.
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ). الله عالم وعادل وحكيم ، يعلم احوال عباده : ما يصلحهم وما يفسدهم ، ويعاملهم بعدله وحكمته ، فيرحم من يستحق الرحمة ، وهو من يمتثل ويطيع ، ويعذب من يستحق العذاب ، وهو من يعصي ويتمرد ، هذا بعد ان يلقي عليه الحجة بتبليغ الحلال والحرام بلسان النبي الكريم (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) بل مبلغا وكفى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ـ ٤٠ الرعد.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) الله يعلم اهل السماء والأرض ، ويعلم مؤهلات كل واحد منهم ، وعلى أساسها يصطفي من الملائكة رسولا الى أنبيائه كجبريل (ع) ، ويبعث من البشر رسلا مبشرين ومنذرين ، وكما فضل بعض الملائكة على بعض فقد فضل ايضا بعض الأنبياء على بعض.
وتسأل : ان الإسلام يقوم على مبدأ المساواة ، فما معنى هذا التفضيل؟. ثم كيف يتحقق التفضيل ويتصور بين الملائكة ، وبين الأنبياء ، مع العلم بأن الجميع عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون؟.
الجواب : اجل ، لا تفضيل على أساس الطاعة والعصمة والولاية من حيث هي ، بل من حيث وصفها تماما كالذهب .. فانه ثمين بشتى افراده ، ولكن بعضها اثمن من بعض ، وهكذا سائر الأشياء الحسنة الجميلة فإنها تتفاوت في مقدار الجمال ودرجاته ، لا في كنهه وحقيقته ، ومن هنا قيل : نور على نور .. وخير على خير.
سؤال ثان : لما ذا أفرد الله داود بالذكر ، وقال : وآتينا داود زبورا. مع انه آتى موسى التوراة وعيسى الإنجيل ومحمدا القرآن؟.
الجواب : أفرد داود بالذكر للرد على المشركين الذين قالوا : كيف يكون محمد نبيا ، وقد عاش يتيما فقيرا؟. ووجه الردّ أن المعنى انه سبحانه يجعل رسالته عند من يستحقها سواء أكان المستحق يتيما عفيرا كمحمد ، ام كان غنيا كداود .. وفي كثير من كتب السير والتاريخ يعبر عن داود النبي بداود الملك.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً).