الرحمن بدل ثان من المتقين. وبسلام متعلق بمحذوف حالا من فاعل ادخلوها أي سالمين.
المعنى :
(وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ). الضمير في قرينه يعود الى من تقدم ذكره في الآية ١٧ وهو الملك القعيد الشهيد الذي يكتب أقوال الموكل به ، والمعنى ان هذا الكاتب يقول لله سبحانه : هذا كتاب ما وكلتني به ، وفيه كل ما كان منه على حقيقته (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ـ ٤٩ الكهف.
(أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ). في الآية ٢١ قال سبحانه : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) وفي الآية التي نفسرها حكى جل جلاله أنه يقول غدا للسائق والشهيد : خذا الى جهنم من أشرك بي ، وكفر بالحق وعانده ، وأعرض عن الخير وصد الناس عنه ، ثم يعاود سبحانه القول عليهما مكررا ومؤكدا : (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ).
وتجدر الاشارة الى أنه تعالى وصف هنا مناع الخير بالمعتدي المريب ، وفي الآية ١٢ من سورة القلم وصفه بالمعتدي الأثيم حيث قال : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) وإذا عطفنا على هذه الآية قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) ـ ٤٦ الدخان. إذا فعلنا ذلك تبين معنا ان جريمة مناع الخير لا تعادلها جريمة ، وان عذابه لا يقاس به عذاب.
(قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ). هذا القرين غير الأول ، فقد كان الأول من الكرام الكاتبين بدليل قوله تعالى : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) أي هذا الذين سجلته هو حق لا ريب فيه ، أما القرين الثاني فهو من الأبالسة الغاوين الذي أشار اليهم سبحانه بقوله : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) ـ ٣٦ الزخرف والدليل ان هذا هو المراد قول