وبعد ان بيّن سبحانه أحوال المجرمين أشار الى أحوال المتقين يوم القيامة بالآيات التالية:
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) يتنعمون فيها كما يشاءون (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ). ثيابهم من الحرير الرقيق والسميك ، ويجلسون على أسرّة في اتجاه بعضهم البعض يسمرون شاكرين ذاكرين أنعم الله ورضوانه (كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) لم يطمثهن قبلهم انس ولا جان (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ). يطلبون فاكهة قائمة دائمة لا يخافون لها نفادا وانقطاعا. (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ). كل انسان يموت الموتة الأولى ، وينتقل بعدها إلى الجنة أو النار ، ولا فناء في هذه ولا تلك ، ولكن الفناء أيسر بكثير من حياة وسط الجحيم (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وأي فضل وفوز أعظم من النجاة من عذاب النار وغضب الجبار.
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). ضمير يسرناه للقرآن ، وضمير لعلهم للعرب ، والخطاب في لسانك للرسول الأعظم (ص) ، والمعنى أنزلناه قرآنا عربيا لينتفع العرب بتعاليمه ويتعظوا بعظاته (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ). انتظر قليلا يا محمد ، وسترى ان العاقبة لك عليهم ، وهم أيضا يدعون بأن الدائرة ستدور عليك ، ولكن : «هلك من ادعى وخاب من افترى ، ومن أبدى صفحته للحق هلك» كما قال الإمام علي (ع).