علي (ع) : «لو كان لأحد ان يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه ، ولكنه جعل حقه على العباد ان يطيعوه ، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله».
ومعنى هذا ان الله له وعليه ، ولا شيء أصرح في الدلالة على ذلك من قوله : «لو كان لأحد ان يجري ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه». فلله سبحانه الطاعة على عباده ، وعليه ، جلت حكمته ، الأجر والمكافأة على مقدار العمل ، وما زاد فهو تفضل منه تعالى وتوسع. ويتفق هذا مع حكم العقل والفطرة ، فإن الناس كل الناس يرونك مفضلا ومحسنا إذا أعطيت من عمل لك فوق أجرته واستحقاقه ، أما إذا أديته أجرة عمله بلا زيادة ونقصان فأنت عندهم من الأوفياء ، لا من المحسنين الكرماء. هذا ، الى ان الإسلام بأصوله وفروعه يبتني على فكرة العدل ، والأجر على العمل حق واجب الأداء في منطق العدل وحكمه. (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ). الضمير في دونهما يعود الى الجنتين في قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) أي ان هناك جنتين أخريين ، أوصافهما أدنى من أوصاف السابقتين ، ومعنى هذا ان في الجنة درجات متفاضلات ، ومنازل متفاوتات تبعا لدرجات المؤمنين في ايمانهم ، وتفاوت العاملين في أعمالهم ، وهذا ما يستدعيه منطق الحق ومبدأ العدل ، وبه يتبين ان الجنتين في قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) هما للذين أقوى إيمانا ، وأنفع أعمالا ، وأكثر جهادا من غيرهم ، وان الجنتين في قوله : (مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) هما للذين أقل عملا وجهادا من أصحاب الجنتين الأوليين (مُدْهامَّتانِ) أي يميل لونهما الى السواد من من شدة الخضرة (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) ينبع منهما الماء ، أما العينان المتقدمتان فإنهما تجريان ، والنضخ دون الجري وكما ان الجنتين هنا دون الجنتين هناك كذلك العينان.
(فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ). قال بعض المفسرين : ان النخل والرمان ليسا من الفاكهة ، ولذا عطفا عليها. وقال الرازي : الفاكهة منها أرضية كالبطيخ ونحوه ، ومنها شجرية كالنخل وغيره ، وعليه يكون عطف النخل والرمان على الفاكهة من باب عطف الخاص على العام (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ). نساء خيرات