الإعراب :
سبّح لله «لله» اللام زائدة إعرابا مثل شكرت له ونصحت له أي شكرته ونصحته. ويجوز أن تكون اللام أصلا على معنى سبّح تسبيحا خالصا لوجه الله. وقد استعملت «ما» هنا في جميع الكائنات العاقلة وغير العاقلة.
المعنى :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). وفي الآية ٤٩ من سورة النحل : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). وكل من التسبيح والسجود لله اعتراف بقدرته تعالى وحكمته ، ولهذا الاعتراف مظهران : أحدهما بلسان المقال ، وثانيهما بلسان الحال ، والإنسان يسبّح الله باللسانين معا ، أما الكائنات التي لا تنطق بلسان المقال فإنها تسجد وتسبّح بلسان الحال لأن ما من كائن إلا وهو يدل على وجود المكون والمصور. أنظر تفسير الآية ٤٤ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٤٧ فقرة «كل شيء يسبح بحمده».
وجاء في كتب السير والحديث والتفاسير : ان فاطمة بنت رسول الله (ص) كانت تقوم بجميع شئون بيتها وخدمة زوجها وأولادها ، وفي ذات يوم شكت الى أبيها ما هي فيه ، ورأى هو (ص) عليها وعلى يديها آثار الجهد ، فطلبت منه أن يمنحها جارية من سبايا الحرب لتساعدها فيما تقوم به ، فقال : لا أعطيك جارية ، وغيرك يطوي بطنه من الجوع ، ثم قال لها : ألا أدلك على خير من الجارية أن تسبحي الله ٣٣ وتحمديه ٣٣ وتكبريه ٣٤. قالت فاطمة (ع) : رضيت يا رسول الله. وتعرف هذه التسبيحات بتسبيح الزهراء.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ). كأنّ سائلا يسأل: لما ذا سبّح لله ما في السموات والأرض؟ فجاء الجواب لأن ما في السموات والأرض ملك لله وحده لا شريك له ، ولأنه العزيز بقدرته ، والحكيم بتدبيره. ولأن الموت والحياة بيده (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ما شاء كان وان لم يشأ لم يكن.