الإعراب :
يوم ترى متعلق بكريم في آخر الآية السابقة ويجوز أن يتعلق اليوم بفعل مقدر أي اذكر يوم ترى. وبشراكم اليوم جنات مبتدأ وخبر لأنه بمعنى الذي تبشرون به اليوم جنات مثل طعامك اليوم كذا. ويوم يقول بدل من يوم ترى لأن المراد باليومين واحد وهو يوم القيامة. ونقتبس مجزوم بجواب الأمر وهو انظرونا.
المعنى :
في الآية السابقة قال سبحانه : ان من آمن وأنفق في سبيل الله لوجهه تعالى يضاعف له الجزاء ، وله أجر كريم ، وهنا بيّن سبحانه هذا الأجر الكريم بقوله : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ). كان المتقون الباذلون يسيرون في الدنيا على هدى من ربهم .. وفي يوم الحساب والجزاء شع من هذا الهدى الإلهي نور مادي محسوس كما تومئ كلمة ترى وكلمة بأيمانهم أي ترى نورهم بعينيك تماما كما ترى نور المصباح المحمول باليد ، ويتحكم به حامله كيف يشاء .. وبكلام آخر عملوا في الدنيا لهذا النور بجد واخلاص فوجدوه في الآخرة أمامهم يمتد الى مسافات (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). يخرج المهتدون غدا من قبورهم ، ويسيرون على نور يكشف لهم طريق الأمان ، وقبل أن يصلوا الى النهاية يأتيهم النداء : ابشروا بالجنة .. وأية بشرى تعادل البشرى بجنة الخلد ونعيمها؟. وأي فوز أعظم من هذا الفوز؟.
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ). كان المهتدون في الدنيا على نور من ربهم فهم في الآخرة كذلك : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) ـ ١٧ محمد. وكان المنافقون في ظلمات الأهواء والشهوات فهم يوم القيامة في ظلمات بعضها فوق بعض : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ـ ٧٢ الإسراء. وشاءت حكمته