هذا تشبيه للقلوب القاسية بالأرض الميتة ، وانه تعالى كما يحيي هذه بالمطر كذلك يهدي القلوب القاسية بالموعظة .. وفي رأينا انه تهديد للذين ينقلبون على أعقابهم بعد محمد (ص) وانه تعالى سيحييهم تماما كما يحيي الأرض ، ويجزيهم على ارتدادهم بعد نبيهم ، ويؤيد ارادة هذا المعنى قوله تعالى بلا فاصل : (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). انكم مسؤولون يوم القيامة عما أحدثتم بعد رسول الله (ص).
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ). المراد بالمصدقين والمصدقات المتصدقون والمتصدقات ، وبالقرض الحسن الصدقة لوجه الله تعالى ، وعليه فلا تكرار ، والمراد بالأجر الكريم أن يسعى نورهم بين أيديهم يوم القيامة بالاضافة الى الحور والقصور وما أشبه. وتقدم مثله في الآية ١١ من هذه السورة و ٢٤٥ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٧٤ (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) وعملوا بموجب ايمانهم (أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) أي الذين داوموا على الصدق في ايمانهم قولا وعملا ، والصدق سبيل النجاة من كل هلكة.
(وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ). الشهداء هم الذين يقتلون في سبيل الله ، أما أجرهم عند ربهم فقد بينه سبحانه بقولهم : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) ـ ١١١ التوبة. أما نورهم فقد أشار اليه سبحانه بقوله : (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ـ ١٢ الحديد. وقال الرسول الأعظم (ص) : «ما من أحد يدخل الجنة ، ثم يحب أن يخرج منها الى الدنيا ولو كانت له الأرض بما فيها إلا الشهيد ، فإنه يتمنى أن يرجع الى الدنيا ، فيقتل عشر مرات لما رآه من الكرامة عند الله». (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ). هذا على عادة القرآن الحكيم ، يقابل المتقين بالمجرمين ، وثوابهم بعقابهم بقصد الترغيب والترهيب.