قال الحنفية والامامية : وجود السلطان أو نائبه شرط ، ولكن اشترط الامامية عدالة السلطان وإلا كان وجوده كعدمه ، واكتفى الحنفية بوجود السلطان وان لم يكن عادلا.
وقال الشافعية والمالكية والحنابلة : تجب مطلقا وجد السلطان أم لم يوجد. وقال كثير من فقهاء الامامية : إذا لم يوجد السلطان العادل أو نائبه ووجد فقيه عادل يخيّر بينها وبين الظهر. والتفصيل في كتابنا فقه الامام جعفر الصادق ج ١.
(وَذَرُوا الْبَيْعَ). المراد بالبيع كل تصرف يصد عن صلاة الجمعة بيعا كان أم غيره ، وانما ذكر سبحانه البيع بالخصوص لأنه يفوت ـ في الغالب ـ بفوات وقته ، أو لأن النفس تميل اليه أكثر من الصناعة والزراعة ، وما اليهما. واختلف الفقهاء في البيع الذي يعقد وقت النداء لصلاة الجمعة : هل يقع صحيحا يجب الوفاء به ، أو فاسدا لا أثر له ، ولكن يأثم البائع والمشتري؟ وهذا البيع ـ عندنا ـ صحيح يجب الوفاء به لأن النهي عن المعاملة لا يدل على الفساد خلافا لصاحب مجمع البيان (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) مواقع الخير والشر ، وما يضركم وما ينفعكم.
(فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). بعد أن أمر سبحانه بالصلاة أمر بالسعي في الأرض طلبا للرزق والعيش بالبيع وغيره مع التوكل على الله في سائر الأحوال ، وبهذا التوازن يتحقق الفلاح دنيا وآخرة. ومثله قوله تعالى : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) ـ ٧٧ القصص. وبكلمة لا فرق عند الله بين من ترك العمل لآخرته ، ومن ترك العمل لدنياه.
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً). جاء في كتب التفسير والحديث : ان النبي (ص) كان في ذات يوم من الأيام يخطب قائما لصلاة الجمعة ، فدخلت عير الى المدينة تحمل طعاما ، فخرج اليها الصحابة ، ولم يبق حول النبي (ص) غير اثني عشر رجلا ، فنزلت هذه الآية .. وظاهرها يتفق تماما مع هذه الرواية عدا استثناء الاثني عشر رجلا ، ولكنها قد رويت بطرق متعددة ، ودوّنت في الكتب الصحاح لأن أحد رواتها عبد الله بن جابر الأنصاري ، وهو من أهل الصدق والعدالة ، وعليه تكون الرواية تفسيرا وبيانا للآية.