وبهذه المناسبة نشير الى ان للمصلحة المادية أثرا بالغا في حياة الناس لأن الاقتصاد قوام الحياة ، ما في ذلك ريب ، لذا قال سبحانه : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) فليس صحيحا ان الاقتصاد هو الباعث الوحيد على كل موقف يقفه الإنسان ، وكل حركة يتحركها .. كلا ، فإن هناك جوانب أخرى تبعث على الحركة والعمل ، وليس بينها وبين الاقتصاد والمصلحة المادية أية صلة ، فقد انفض كثير من حول الرسول الى التجارة وتركوه قائما كما نصت الآية ، ولكن بقي حوله آخرون ولم يتركوه وحيدا كما قالت الرواية.
(قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). عند الله سبحانه رزق الدنيا ورزق الآخرة .. وليس بينهما مانعة جمع ، فلا العمل للآخرة ينقص من رزق الدنيا ، ولا العمل للدنيا ينقص من ثواب الآخرة ، بل كل عمل يسد حاجة من حاجات الحياة فهو من عمل الآخرة أيضا .. ولا أبتعد عن الحقيقة إذا قلت : ان كل عمل أحلّه الله في هذه الحياة فهو مطية للآخرة ، وما أكثر ما أحل الله لعباده .. قال الإمام علي (ع) : ما أحل لكم الله أكثر مما حرم عليكم ، فذروا ما قل لما كثر ، وما ضاق لما اتسع.