ابن أبي ضرار ، ولما علم النبي بادر اليهم بجيشه قبل أن يزحفوا الى المدينة ، وخرج ابن أبي مع جيش المسلمين رغبة في الغنيمة ، فنصر الله نبيه على أعدائه ، وغنم الكثير من أموالهم ، ورأى أن يفضل في العطاء الفقراء المهاجرين لينشلهم من الفقر ، ويقرب الفوارق بين الأغنياء والفقراء ، فامتلأ عبد الله بن أبي غيظا ، وأخذ يحرض بعض الأنصار ، وقال فيما قال : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ). يريد بالأعز نفسه ، وبالأذل النبي (ص) فنزلت هذه الآية ، وتخاذل ابن أبي ، ولم يجد ما يتعلل به .. وقال كثير من المفسرين : انه نطق بكلمة الكفر هذه لخلاف وقع بين أحد أتباعه وأجير لعمر بن الخطاب.
وكان لعبد الله بن أبي ولد صالح ، اسمه عبد الله أيضا ، ولما علم بأمر أبيه ذهب الى رسول الله (ص) وقال له : لقد كان من أمر أبي ما قد علمت ، فإن كنت تريد قتله فمرني وأنا أقتله لأني أخشى أن تأمر غيري بقتله فلا تدعني نفسي أنظر الى قاتل أبي ، فأقتل مؤمنا بكافر وادخل النار ، فأجابه الرسول : بل نرفق بأبيك ونحسن صحبته ما بقي معنا.
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ). هذا رد على ابن أبي الذي وصف نفسه بالأعز .. وعزة الله سبحانه بأنه القاهر فوق عباده ، وعزة الرسول بإظهار دينه على جميع الأديان وخذلان أعدائه ومحادّيه ، أما عزة المؤمنين فبنصرة الحق وأهله (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) ان العز بالايمان والتقوى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). من تدبر هذه الآية والتي قبلها يرى أن المراد بذكر الله هنا الجهاد ، لأن الله سبحانه ذكر أولا أن العزة له ولرسوله وللمؤمنين ، ثم نهى المؤمنين وحذرهم من الغفلة والتشاغل عن ذكر الله بالدنيا وحطامها ، وجعل نتيجة هذا التشاغل الخسران أي الخزي والمذلة دنيا وآخرة ، وليس من شك ان الخزي والمذلة نتيجة حتمية لحب الحياة والخوف من الجهاد والاستشهاد .. ولا شيء أصدق وأدل على هذه الحقيقة من حياة المسلمين والعرب في هذا العصر.
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ). المراد بإتيان الموت ظهور أماراته