الإعراب :
من وجدكم بدل من حيث. ولتضيقوا منصوب بأن مضمرة بعد اللام. ولينفق اللام للأمر.
المعنى :
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ). قال تعالى في أول هذه السورة : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ). وقلنا في تفسير ذلك : ان الله سبحانه أوجب على المطلق سكنى المعتدة ، وأشرنا الى أقوال المذاهب التي فرّقت بين المعتدة الرجعية والبائنة .. والآية التي نحن بصددها تتصل بقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) لأنها تحدد البيت الذي يجب أن تسكنه المطلقة ما دامت في العدة ، تحدده بقدرة الزوج وطاقته ، فيسكنها مثل ما يسكن ، فإن كان موسعا وسع ، وان كان مضيقا ضيق (وَلا تُضآرُّوهُنَ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ). لا تتعمدوا اضرارهن بالتضييق عليهن في النفقة والمسكن لتلجئوهن الى تركه والخروج منه .. والإضرار بالآخرين من أكبر الكبائر بخاصة الإضرار بالزوجة والجار.
(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). إذا طلقها وهي حامل وجبت لها النفقة بما فيها السكنى حتى تنتهي العدة بوضع الحمل ، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا ، والفرق في وجوب نفقة العدة وعدمها انما هو بين الرجعية والبائنة غير الحامل حيث تجب للأولى دون الثانية.
وقال جماعة من الفقهاء : حين قال سبحانه : «أسكنوهن» أطلق ولم يقيد بالحمل ، وحين قال : (فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ) قيد بالحمل ، واستنتجوا من ذلك ان السكنى تجب لكل مطلقة حاملا كانت أم حائلا ، رجعية كانت أم بائنة ، أما النفقة فإنها تجب للحامل حتى ولو كانت بائنا.
ونقول في الجواب : لو أخذنا بهذا الاستنتاج لوجب أن تختص نفقة العدة بالحامل فقط التي هي محل الإجماع ، أما غير الحامل فلا نفقة لها حتى ولو كانت رجعية .. ولا قائل بذلك على الإطلاق ، حيث انعقد اجماع المذاهب على وجوب