والثواب ، فأنكر سبحانه عليهم هذا وقال لهم : كيف تجعلون أنفسكم في عداد المتقين وبينكم وبينهم بعد المشرقين؟. والذي يدل على ان هذا المعنى هو المراد الخطابات التالية :
(أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ). هل عندكم كتاب من السماء أو من الأرض تقرءون فيه ان لكم في الدنيا ما تحبّون ، وفي الآخرة عند الله ما تشتهون؟. ويصدق هذا الوصف على اليهود والنصارى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ـ ١٩ المائدة إلا ان المقصود بالآية التي نفسرها عتاة قريش مع العلم انهم لم يدّعوا وجود هذا الكتاب ، ولكن القصد من الخطاب افحامهم وانه لا دليل وما يشبه الدليل على انهم مع المتقين وان لهم ما يتخيرون. وتقدم مثله في الآية ٤٠ من سورة فاطر والآية ٢١ من سورة الزخرف.
(أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ). هل حلف الله لكم الأيمان المغلظة ، وأعطاكم العهود المؤكدة ان يدخلكم الجنة مع المتقين على ان لا تبدل ولا تعدل هذه الأيمان والعهود الى يوم القيامة؟. (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ)؟. الخطاب للرسول (ص) والزعيم الكفيل ، والمعنى سل يا محمد المشركين : من الذي تعهد لهم بتنفيذ ذلك على فرض ادعائهم له (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ). المراد بالشركاء هنا الأصنام كما في الآية ٢٧ من سورة سبأ : (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) والمعنى فليأت المشركون بآلهتهم التي يعبدون لتشهد لهم انهم في الجنة مع المتقين ..
والقصد من هذه الخطابات التي وجهها سبحانه الى المشركين هو انه لا شيء يدل أو يومئ من قريب أو بعيد ان المشركين على شيء : وهذا النوع من الحجاج من أجدى الوسائل لافحام الخصم ، وفي الوقت نفسه يفيد العلم والجزم.
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ). يكني العرب عن الشدة والهول بالكشف عن الساق ، ومن هنا يسمى يوم القيامة بيوم الكشف عن الساق ، ولا أحد يدعى في هذا اليوم الى السجود ولا الى غيره من العبادات