آباءكم المؤمنين في سفينة نوح. وأيضا تقدم الكلام عن نوح وسفينته مرات ، منها في الآية ٩ ـ ٦٤ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٤٤ (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً). الهاء تعود الى قصة نوح وسفينته ، وكررها سبحانه في كتابه لتكون عظة وعبرة. وأيضا ليعرف كل انسان انه لو لا سفينة نوح لما كان لأبناء آدم وحواء بعد الطوفان عين ولا أثر .. وقد أبعد أبو العلاء حين دعا على أمنا حواء بالعقم لأن الوجود من حيث هو نعمة كما قال أرسطو وتلاميذه.
(وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ). جاء في أكثر التفاسير القديمة والحديثة ، ومنها تفسير الرازي والشيخ المراغي : ان رسول الله (ص) قال لعلي بن أبي طالب : «اني دعوت الله أن يجعلها اذنك يا علي». قال الامام : فما سمعت شيئا فنسيته ، وما كان لي أن انسى.
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ). النفخ في الصور كناية عن الصيحة للخروج من القبور. قال تعالى : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) ـ ٤٢ ق. وعند تفسير الآية ٦٨ من سورة الزمر ج ٦ ص ٤٣٢ ذكرنا آراء المفسرين في الصور وان النفخات ثلاث : نفخة الفزع ونفخة الموت ونفخة البعث والخروج (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً). هذا كناية عن خراب الأرض وما عليها يوم القيامة ، قال تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) ـ ١٤ المزمل أي تلا من الرمل يذهب مع الرياح (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ). حين ينفخ في الصور وتدك الأرض والجبال تقوم القيامة ، ويعلم المكذبون انها حق لا ريب فيه (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ). يصيب كواكب السماء من الخراب ما يصيب الأرض : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) ـ ٤٨ إبراهيم أي وتبدل أيضا السموات غير السموات (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها). المراد بالملك الملائكة لأن الألف واللام للجنس ، والهاء تعود الى السماء ، والمعنى ان الملائكة بعد خراب الأرض والسماء ينتشرون هنا وهناك في أنحاء الفضاء.