ربه ، فقد سبقني الكثير من الأنبياء والمرسلين (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ). النبي (ص) يعلم حاله وحال المشركين في الآخرة لأن الله أخبره بذلك كما في العديد من الآيات ، بالإضافة الى ان هذا العلم من لوازم النبوة ووظائفها ، وقد تواتر في الحديث ان النبي (ص)بشر أكثر من واحد بالجنة ، وعليه يكون المعنى ان النبي لا يعلم ما يحدث له في هذه الحياة؟. وبأي شيء يمتحنه الله ويبتليه؟ وأيضا هو لا يعلم ما يحدث للمشركين؟ هل ينتقم منهم في هذه الدار ، أو يؤخر عذابهم الى يوم يبعثون؟.
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ). وليس من شأن النذير أن يعلم الغيب ، وإنما هو يبلغ عن الله ما يوحي اليه تعالى بما يحدث له وللمشركين في هذه الحياة. وتجدر الاشارة الى ان هذا كان قبل نزول الآيات الناطقة بأن العاقبة لدين الله ورسوله ولو كره المشركون ، أو هو أسلوب من أساليب الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). السورة التي نفسرها مكية ما عدا هذه الآية ، فإنها نزلت في عبد الله بن سلام ، حيث أسلم في المدينة ، وكان عالما كبيرا من علماء بني إسرائيل ، هذا ما جاء في أكثر التفاسير ، والمعنى قل يا محمد للذين زعموا ان القرآن سحر مفترى ، قل لهم : أخبروني عن حالكم عند الله ان ثبت ان القرآن حق وصدق ، وآمن به عالم من بني إسرائيل كعبد الله ابن سلام الذي يدرك أسرار الوحي ويشهد بأن تعاليم القرآن تماما مثل تعاليم التوراة التي أنزلها الله على موسى ، ما ذا يكون حالكم إذا بقيتم على ضلالكم وعنادكم؟. أتظلمون أنفسكم مختارين وتعرضونها لنقمة الله وعذابه؟.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ). كان أكثر الذين استجابوا لدعوة الرسول (ص) في بداية الدعوة ـ من المستضعفين ، فاتخذ الكبار الطغاة من ذلك سببا للطعن برسالة الرسول لأن الحق بزعمهم يعرف بالرجال المترفين ، ولا يعرف الرجال بالحق ، فكل ما يفعله المترفون حق ، وكل ما يفعله غيرهم باطل .. ولكن من صارع الحق صرعه. ولذا لم تمض الأيام حتى