الإعراب :
المصدر من انه استمع نائب فاعل لأوحي ، وضمير انه للشأن. وعجبا صفة للقرآن بمعنى عجيب. وشططا صفة لمفعول مطلق مقدر أي قولا شططا ، ومثله كذبا. وان لن «ان» مخففة ، واسمها ضمير الشأن محذوف ، والمصدر المنسبك سادّ مسدّ مفعولين. ورهقا مفعول ثان لزادوهم.
المعنى :
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً). الجن حقيقة واقعة ، لا يشك فيها مؤمن لأن آي الذكر الحكيم أثبتت ذلك بما لا يقبل الشك والتأويل ، وبماذا نؤول قوله تعالى في الآية ١٣ من سورة سبأ : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) والآية ٣٩ من سورة النمل : (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ) والآية ٣٠ من سورة الأحقاف : (إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى). وقوله تعالى في سورتنا هذه : (سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ..)(لَمَسْنَا السَّماءَ ..»مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) بماذا نؤول هذه الآيات؟ ومثلها كثير ، أنؤولها بالمكروبات أو بالراديوم أو بالإلكترونات وما اليها من المصطلحات؟.
وتقول : العلم الحديث لم يثبت الجن. ونقول : وهل في العلم الحديث ما ينفيه؟ وهل أحصى العلم الحديث عدد الكائنات ما ظهر منها وما بطن؟ وأي عالم قديم أو جديد يعرف حقيقة نفسه وعقله ، بل وجسمه المحسوس الملموس ، يعرفه بما فيه من عروق وخطوط وشعر؟ ومن جهل نفسه فهو بغيره أجهل بخاصة عالم الغيب. لقد اثبت الوحي الجن والملائكة فوجب التصديق ، ومن نفى بلسان القطع والجزم فعليه الإثبات من العقل أو الوحي تماما كما لو أثبت.
وبعد ، فقد أوحى سبحانه الى نبيه الكريم ان جماعة من الجن استمعوا اليه ، وهو يتلو كتاب الله ففهموه وتدبروا معانيه ، فدهشوا من عظمته مبنى ومعنى ، وقال بعضهم لبعض : ألا تعجبون لهذا القرآن؟ وهل سمعتم بمثيل له من قبل؟