حال أي لا تمنن مستكثرا. فذلك مبتدأ ، ويومئذ بدل منه ، ويوم عسير خبر ، وعلى الكافرين متعلق بعسير ، وغير يسير خبر ثان مؤكد للخبر الأول.
المعنى :
في هذه الآيات اشارة الى وظيفة محمد (ص) كرسول من الحق الى الخلق ، وفيها أيضا اشارة الى ان جميع الناس سواء أمام الله تعالى ، وإليك التوضيح :
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) هو الرسول الأعظم (ص) وقد خاطبه الجليل بهذا الوصف لأنه كان آنذاك مشتملا بثيابه لسبب من الأسباب كما قلنا عند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ). (قُمْ فَأَنْذِرْ). قد يكون للكلمة الواحدة معنى لغوي واحد ، ولكن هذا المعنى الواحد كثيرا ما يختلف باختلاف المتكلم والمخاطب ـ مثلا ـ كلمة «انذر» معناها في قواميس اللغة حذّر وخوّف ، فإذا قال قائل : رأيت شخصا يضع لغما في الطريق ، وقلت له : «انذر» فان معنى قولك هذا : أعلن وخوّف المارة من اللغم ، وإذا قلت : أنذر لفقيه في قرية فالمعنى علّم أهلها أحكام الدين وخوّفهم من مخالفتها ، أما قول العلي الأعلى لنبيه الكريم : (قُمْ فَأَنْذِرْ) فان معناه: تحدّ الطغاة وتلقّ منهم الضربات .. معناه جابه بكلمة الحق الأقوياء وأهل الكبر والخيلاء ، وقل لهم : أنتم الضالون المفسدون ، وستعلمون ما يحلّ بكم من الخزي والهوان إذا لم تؤوبوا الى رشدكم ، وترجعوا عن غيكم ، قل لهم هذا وأكثر ، واصبر على ما يصيبك منهم وسبح بحمد ربك واشكره أيضا.
وإذا علمنا ان محمدا (ص) تحدى قريشا ، وهم في أعلى ذروة من القوة ونفوذ الكلمة ، وهو أعزل من كل شيء إلا من الايمان والإخلاص ، إذا علمنا ذلك تبين لنا ما أصابه منهم .. لقد وصفوه بالساحر والكاذب والشاعر بل والمجنون أيضا .. وأغروا به الأطفال يسخرون منه ويرشقونه بالحجارة ، وأغروا به النساء يضعن الشوك في طريقه ، والسفهاء يلقون عليه القذارات والنجاسات حتى ان أحدهم نزع عمامة الرسول عن رأسه ، وشدها في عنقه. وفوق ذلك كله قررت قريش نبذ محمد وذويه وسجنهم في الشّعب وحرمانهم من كل علاقة مع المجتمع ، ولما