أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ـ ٦ العلق .. واستنادا الى هذه الآيات وما اليها يمكن أن يقال ـ ولو من وجهة صناعية ـ : ان الأصل في كل غني أن يكون طاغيا حتى يثبت العكس ، وفي نهج البلاغة : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله ، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله. وفي الحديث : طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافا .. اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف والكفاف.
(وَبَنِينَ شُهُوداً) حاضرين معه يتسابقون الى خدمته (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً). يسرت له سبيل الجاه والمال ، يتقلب في النعم كيف يشاء. وبهذه المناسبة نشير الى ان نعم الدنيا لا تدل على مرضاة الله ، قال سبحانه : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ). والى ما جاء في الحديث «لو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى فيها الكافر شربة ماء». وقد عرضت على رسول الله خير خلق الله فأبى أن يقبلها. أما الوليد بن المغيرة شر خلق الله فقد كثر ماله وامتد (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) أي الله في ماله ليزداد بغيا وعدوانا .. ومستحيل أن يجتمع الصلاح والطمع في قلب واحد ، قال رسول الله (ص) : الطمع مفتاح كل معصية ، ورأس كل خطيئة ، وسبب لإحباط كل حسنة.
(كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً). اخسأ أيها الجحود الخؤون .. أتطمع في الله وأنت تعاند الحق ، وتصد عنه ، وتعلن الحرب على أهله! .. قال الرواة : ما نزلت هذه الآية حتى تبدل عز الوليد الى ذل ، وغناه الى فقر ، ومات على أسوأ حال .. وصدق من قال : ما قال الناس لشيء طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر يوم سوء .. هذا في الدنيا ، أما جزاؤه في الآخرة فترسمه هذه الآية (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً). ويأتي الصعود بمعنى الشدة والمشقة ، وأيضا يأتي بمعنى الارتقاء والزيادة ، وسياق الكلام يدل على المعنيين معا ، وان العذاب يزداد كما وكيفا آنا بعد آن.
(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ). فكر في أمر القرآن ، وأجال فيه رأيه ، وهيأ له قول الزور والافتراء ، وهو ان القرآن سحر يؤثر كما يأتي (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ). لعن ثم لعن في تفكيره وتقديره وأقواله وأفعاله وجميع مقاصده ..