وتعايا أهله بصفة دائه ، وخرسوا عن جواب السائلين عنه .. وان للموت لغمرات هي أفظع من ان تستغرق بصفة أو تعتدل على قلوب أهل الدنيا». معنى تعتدل تستقيم بالإدراك.
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى). قال كثير من المفسرين : هذه الآية نزلت في أبي جهل ، وهي صورة طبق الأصل لصفاته ، لأنه ما صدق الرسول الكريم (ص) ولا صلى لله ولو بطرفة عين ، بل كذب الحق وشاغب عليه ، وأعرض عنه واستهزأ به ، وكان يذهب الى مجلس النبي (ص) ويستمع الى القرآن ، ثم يعود الى أهله متكبرا متبخترا في مشيته .. وأيا كان سبب النزول فإن ظاهر الآيات على عمومه يشمل كل من عاند الحق وتعالى عليه لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى). الغرض من هذا التكرار الزيادة في التهديد والوعيد ، والمعنى الويل والعذاب أحق بك وأجدر أيها الأثيم .. وفي كثير من التفاسير : ان رسول الله (ص) أخذ بيد أبي جهل وقال له : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى). فقال اللعين : أتهددني يا محمد؟ والله ما تستطيع أنت ولا ربك شيئا ، والله لأنا أعز أهل هذا الوادي .. وكان النبي (ص) يقول : لكل أمة فرعون ، وفرعون هذه الأمة أبو جهل .. وقد قتل يوم بدر شر قتلة.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً). لا نعرف أحدا يحسب ويظن انه غير مسؤول عن شيء بالغا ما بلغ من الجهل والضلال .. ومن ظن هذا فقد ازرى بنفسه ، وأنزلها منزلة الحشرات والحيوانات .. ولو ترك سبحانه الإنسان سدى لكان عابثا في خلقه لا عبا في أفعاله .. تعالى علوا كبيرا : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) ـ ١٦ الأنبياء.
(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) ألم يكن منكر البعث ماء يصب في الرحم (ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى). تطورت النطفة خلقا بعد خلق داخل ظلمات ثلاث ، ثم خرج منها إنسانا في أحسن تقويم بعد أن كان في أسفل سافلين (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى). ضمير منه يعود الى الإنسان ، والمعنى ان الله سبحانه بعد ان جعل النطفة إنسانا كاملا أخرج منه أولادا ذكورا وإناثا (أَلَيْسَ