بالآثم كل من اكتسب إثما ، وبالكفور كل جاحد ، وقال جماعة من أهل التفسير : ان المراد بالآثم هنا عتبة بن ربيعة لأنه كان منغمسا في الشهوات ، وبالكفور أبو جهل أو الوليد بن المغيرة .. وأيا كان سبب النزول فإنه لا يخصص عموم اللفظ.
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). كن مع الله في جميع أمورك وأوقاتك ، ولا تأخذك فيه لومة لائم. وتقدم مثله في الآية ٤٢ من سورة الأحزاب (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ). صلّ لله في جزء من الليل (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً). تهجد لله في الليل أمدا غير قصير ، والأمر هنا للاستحباب لقوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) ـ ٧٩ الإسراء. (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً). هؤلاء إشارة الى المشركين والى كل من أحب الدنيا وتولاها ، وأبغض الآخرة وعاداها ، ووصف سبحانه يوم القيامة بالثقل لأنه يوم عسير على الكافرين غير يسير.
(نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ). الله سبحانه هو الذي أوجدهم من العدم ، وصورهم فأحسن صورهم ، فكيف أنكروه وعصوا أمره ونهيه؟ (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً). هذا تهديد ووعيد للمكذبين بأن الله قادر على أن يهلكهم ويستخلف مكانهم قوما آخرين أفضل وأكمل. وتقدم مثله في الآية ٣٨ من سورة محمد (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ). هذه اشارة الى السورة التي نحن بصددها ، وهي بما فيها من ترغيب وترهيب عظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ). بيّن سبحانه للإنسان طريقي الخير والشر ونهاه عن هذا وأمره بذاك وتركه وما يختار لنفسه .. ولكن المعاند لا يفعل الخير إلا إذا أجبره الله عليه ، وألجأه اليه ، وهذا لن يكون لأنه مخالف لعدله تعالى وحكمته وسنته في خلقه. انظر تفسير الآية ٥٦ من سورة المدثر فانه أوسع وأوضح.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً). عليم بأحوال عباده ، حكيم لأنه لا يأمرهم إلا بما فيه الخير والصلاح ، ولا ينهاهم إلا عما فيه الشر والفساد (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ). المراد بالرحمة هنا الجنة ، وقد اقتضت حكمته تعالى ومشيئته