وهكذا ينظر الكثير من أبناء هذا الجيل الى الآباء والأمهات .. والغريب ان أحدهم لو سمع من شاب مثله ما سمعه من أبويه لما وقف منه هذا الموقف الساخر.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ). أولئك اشارة الى كل من عاند الحق وأعرض عن دعوة المخلصين. وحق عليهم القول أي كلمة العذاب .. وهذه هي سنة الله في الأمم الماضية والحاضرة أيضا ، سواء في ذلك الانس والجن (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ). لأنهم نكصوا عن دعوة الحق ، واستغشوا الناصح الأمين (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). تتفاوت مراتب الناس يوم القيامة بحسب أعمالهم في الدنيا ، وأوضح تفسير لهذه الآية قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) ـ ٣٠ آل عمران.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) أي يعذبون بها وتقول لهم ملائكة العذاب : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها). جمعتم المال وكنزتم منه الملايين بالسلب والنهب ، وشيدتم المصانع وناطحات السحاب على حساب المستضعفين ، وتقلبتم في الملذات والشهوات ، وقد استوفيتم بذلك حظوظكم بكاملها ، ولم تدخروا شيئا ليومكم هذا (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ). أعرضتم عن الحق علوا واستكبارا ، وملأتم الأرض ظلما وفسادا ، فذوقوا الآن مرارة البغي ، كما ذقتم حلاوته بالأمس.
وفي تفسير الشيخ المراغي ان رسول الله (ص) كان إذا سافر آخر عهده من أهله بفاطمة ، وأول من يدخل عليه من أهله فاطمة متى عاد من سفره. وقدم من بعض الغزوات وتوجه الى بيتها كعادته ولما أراد الدخول على ابنته فاطمة رأى على بابها ستارا من شعر غليظ ، ورأى على الحسن والحسين سوارين من فضة ، فرجع ولم يدخل .. فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ، وأرسلت السوارين الى أبيها : فأعطاهما لبعض المعوزين ، وقال : ان هؤلاء أهل بيتي ـ يشير الى فاطمة ومن في بيتها ـ ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.