الإعراب :
غرقا مفعول مطلق للنازعات لأن الغرق هنا نوع من النزع. وأمرا مفعول به للمدبرات. ويوم متعلق بجواب القسم المقدر وهو لتبعثن.
المعنى :
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً). لقد تعددت أقوال المفسرين في النازعات وما بعدها ، ونلخص منها قول الشيخ محمد عبده بشيء من التصرف الذي يتفق مع غرضه .. من تتبع آي الذكر الحكيم يجد ان الله تعالى أقسم بالأزمنة والأمكنة وأشياء أخر .. ومن تأمل في جميع ما أقسم به وجده شيئا قد أنكر الناس وجوده ، أو احتقروه ، أو لم ينتبهوا الى ما فيه من الدلائل على قدرة الله وعظمته ، فيقسم تعالى بما أنكروا لتقرير وجوده ، أو بما احتقروا لتعظيم شأنه ، أو تنبيها إلى ما فيه من الدلائل على قدرته ، جلت عظمته ، وأقسم هنا ببعض مخلوقاته إظهارا لاتقان صنعها وغزارة فوائدها ليعلم المكذبون بالبعث ان من قدر على ذلك فهو على إحياء الموتى أقوى وأقدر.
والمراد بالنازعات الكواكب لأنها ترمي بالشهب ، يقال : نزع عن القوس أي رمى عنها ، وأيضا يقال : أغرق في الرمي إذا بالغ فيه (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً). تقول العرب : نشط فلان نشطا من المكان إذا خرج من بلد الى بلد ، وعليه يكون المعنى ان الكواكب تتقلب من برج الى برج (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) أي ان الكواكب تتحرك في الفضاء (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً). تتمم دورتها بسرعة حول ما تدور عليه ، ومعلوم ان سرعة كل شيء بحسبه من حيث الضخامة وعدمها (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) أي ان الكواكب يظهر أثرها الى الخارج بما ينفع الناس كمعرفة الأوقات والأقطار ، واختلاف الفصول ، وما الى ذلك من أسباب الحياة.
هذا تلخيص لحوالى ثلاث صفحات من جزء عمّ للشيخ محمد عبده ، سطرها في معنى هذه الكلمات ، ونحن لا نجزم بقوله ولا بقول من قال : ان النازعات هي الملائكة أو غيرها وغير الكواكب ، لا نجزم بشيء من هذه الأقوال لأنها لا